وأخيرا استطعنا أن نتفق مع إدارة التياترو على العمل به بعض ليال أخرى نحييها عقب عودتنا من عدة بلاد غير مدينة تونس، وقمنا إلى صفاقص وصوصه وبيزرت وكان النجاح في كل منها بالغا أشده، وبدأت يدي تلمس النقود بعض الشيء، ولكن السادة دائني متعهدنا كانوا لنا بالمرصاد، فلم يرحموا غربتنا ولم يرعوا مصيبتنا فلاحقونا في كل مكان!
الفصل الحادي عشر
بين المسرح والسينما
قررنا أن نزور الجزائر بعد أن انتهى مقامنا في تونس، فشددنا رحالنا إليها.
وهنا أقف لحظة بسيطة لأقول إن علاقتنا بالسيد السند علي يوسف (الامبرزاريو) كانت قد انقطعت، وإننا احتجنا إلى من يقوم مقامه ليسبقنا إلى البلاد التي نزورها ويمهد لعملنا فيها، فكان أن أوفدنا الزميل العزيز بديع خيري إلى بلدة «سراكوس». وقد قصد إليها قبل وصول الفرقة بعدة أيام. وبعد أن انتهينا من هذه البلدة، زرنا بلادا أخرى، وأخيرا قصدنا إلى عاصمة القطر (الجزائر)، فأحيينا فيها بنجاح منقطع النظير ثلاث حفلات جاءتنا بإيراد كبير، استطعت ببعضه أن أسدد جميع الديون التي طوقنا بها متعهدنا السابق، كما أنني وسعت على الممثلين بالبعض الآخر.
ثم حدث في بلدة «وهران» ما لم أكن أتوقعه. فقد سافرت بديعة دون علمي، فأسندت أدوارها إلى كل من فتحية شريف وبهية أمير، ولكن بديعة بعدئذ اتصلت بي تليفونيا من الجزائر واعتذرت عن تسرعها بالهرب، وأكدت أنها عائدة في اليوم التالي. ولكنها للأسف لم تف بوعدها.
العودة إلى مصر
وبعد أن انتهينا من بلاد الجزائر، قمنا إلى مراكش، فلقينا الكثير من ضروب الحفاوة في قصر «الباشا»، الذي نفحنا كثيرا من الهدايا في الليلة الختامية لرحلة الفرقة في بلاد المغرب الأقصى. ثم قصدنا إلى مرسيليا ومن هناك قصد أعضاء الفرقة إلى مصر، بينما سافرت أنا إلى باريس، وهناك استطعت أن أسترد من جمعية المؤلفين مبلغ ضريبة الستة في المائة، التي كانت تحجزها مسارح البلديات من إيراد رواياتي في بلاد المغرب الأقصى، وقد بلغ ما استرددته من الجمعية مائة وعشرين جنيها، بقي لدي منها بعد «فسحة» باريس خمسون جنيها مصريا عدت بها إلى مصر. وقد حزمت أمري على أن أجعل بيني وبين الممثلين سدا، فلا أجمع فرقة ولا أعتلي المسرح لحسابي.
وبعد أيام قليلة «برم» المبلغ وأصبحت على الحديدة، فعمدت إلى بعض ما لدي من أثاث وحلي وهات يا بيع، هو احنا رايحين ناخد حاجة.
واستحكمت حلقات الأزمة (أزمتي الخاصة) واستولت «الكريزة» على جيب العبد لله، فهبطت بطعامي من «الرستورانات» إلى محلات الفول المدمس!
صفحه نامشخص