205

منه ، في اسنادهم الفعل اليه .

ثم اورد سؤالا ، وهو : انا لا نعلم : ان السحرة لم يكونوا اهل لسان ، يذهب بهم هذا المذهب ، من صنعة الكلام.

واجاب : بان جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير اهل اللسان العربي ، من القرون الخالية ، انما هو معرب عن معانيهم ، فليس بحقيقة ألفاظهم.

ولهذا : لا يشك في ان قوله تعالى : ( قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ) ان هذه الفصاحة ، لم تجر على لغة العجم.

قال بعض المحققين : اعلم : ان المعنى الواحد قد يخبر عنه بالفاظ ، بعضها احسن من بعض ، وكذلك كل واحد من جزئي الجملة ، قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر ، فلا بد من استحضار معاني الجمل ، او استحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ، ثم استعمال انسبها ، وافصحها ، واستحضار هذا متعذر على البشر في اكثر الأحوال بل دائما.

وذلك : عتيد ، حاصل في علم الله تعالى ، فلذلك كان القرآن احسن الحديث ، وافصحه ، وان كان مشتملا على الفصيح والأفصح ، والمليح والاملح ، ولذلك أمثلة :

منها : قوله تعالى : ( وجنى الجنتين دان ):

لو قال مكانه : «وثمر الجنتين قريب» لم يقم مقامه ، من جهة الجناس بين الجنى والجنتين ، ومن جهة ان الثمر لا يشعر بمصيره الى حال يجنى فيها ، ومن جهة مواخاة الفواصل.

صفحه ۲۰۷