الأولين وأصحاب رسول الله ﷺ في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد ابن عامر وكان سالم أكثرهم قرآنا وفيه ما يخالف رواية المعرور بن سويد أنه كان مع عمر ﵁ بطريق مكة فرأى ناسا يذهبون مذهبا فسأل عنهم قالوا: يأتون مسجدا صلى فيه رسول الله ﷺ فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بأشباه هذا يتبعون آثار نبيهم فاتخذوها كنائس وبيعا من أدركته الصلاة في شيء من المساجد التي صلى فيها رسول الله ﷺ فليصل فيها وإلا فلا يتعمدها" إلا أن يقال: محمل كلام عمر على موضع صلى فيه رسول الله ﷺ لأن الصلاة أدركته فيه لا لفضيلة فيه والناس قصدوه لتعظيمه وتفضيله على غيره من المواضع فيؤول إلى اتباع من كان قبلهم من الأمم فيما فعلوه فلذلك نهاهم بخلاف مسجد قباء فإن له فضيلة كما سيجيء وعن ابن عمر أن رسول الله ﷺ أتى مسجد قباء فصلى فسمعت به الأنصار فجاءوا فسلموا عليه فأشار عليهم بيده ردا لسلامهم وعنه خرج رسول الله ﷺ إلى قباء ليصلي فيه فسمعت الأنصار الحديث ولا يقال: أن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة فكيف كان يترك الأفضل ويتجثم المسافة إلى ما هو دونه لأنه يحتمل أن ذلك لما وجب عليه ﷺ أن لا يجلس فيه حتى يصلي فيه قبل الجلوس كما أمر الناس بتحية المسجد لا لما سواه وأما التطوع في بيته فأفضل من الصدقة في قباء لأنه لما فضلها على الصلاة في مسجده وهو فوق مسجد قباء في الفضل كانت أحرى أن تكون في البيوت أفضل منها في قباء وإن كان لمسجد قباء أيضا فضيلة يؤتى من أجلها دل عليها ما ذكر الله تعالى في شأنه وشأن المسجد الذي زعم الذين بنوه أنهم بنوه ليكون كمثله وشتان ما بينهما ثم أن النبي ﷺ كان يأتيه لمواصلة الأنصار والاجتماع لهم فيه لا لصلاة فريضة ولا نافلة لأن الفريضة في مسجده والنافلة في بيته أفضل وما روى أنه كان يأتي مسجد قباء ليصلي فيه فهو كلام قاله الراوي لعلمه أن النبي ﷺ كان لا يأتيه ليجلس فيه إلا صلى فيه قبل الجلوس قال القاضي ولو قيل
1 / 26