من للأسِرَّة، أو من للأعِنَّةِ، أو ... من للأسنة يهديها إلى الثُّغرِ
من للظبى وعوالي الخط قد عُقدت ... أطراف ألسنها بالعي والحصرِ١
وطوقت بالمنايا السود بِيضَهُمْ ... فاعجب لذاك وما منها سوى الذكرِ
من لليراعة أو من للبراعة أو ... من للسماحة أو للنفع والضررِ
أو دفع كارثة أو ردع آزفةٍ ... أو قمع حادثةٍ تعيا على القدَرِ٢
وَيْبَ السماح وويب البأس لو سلما ... وحسرة الدين والدنيا على عُمَرِ٣
سقت ثَرَى الفضل والعباس هاميةٌ ... تُعزى إليهم سماحًا لا إلى المطرِ٤
ثلاثةٌ ما رأى السَّعدان مثلهمُ ... واخبر ولو عزَّزا في الحوت بالقمرِ
ثلاثةٌ ما ارتقى النَّسران حيث رَقُوا ... وكل ما طار من نَسْرٍ ولم يَطِرِ
ثلاثةٌ كذوات الدهر منذ نأوْا ... عني، مضى الدهر لم يرْبع ولم يحُرِ٥
ومر من كل شيء فيه أطيبه ... حتى التمتع بالآصال والبُكَرِ
أين الجلال الذي غضت مهابتُهُ ... قلوبنا وعيون الأنجم الزُّهُرِ٦
أين الإباء الذي أرسوْا قواعدَهُ ... على دعائمَ من عز ومن ظَفَرِ
أين الوفاء الذي أصفوْا شرائعه ... فلم يرد أحد منها على كدرِ٧
كانوا رواسي أرض الله، منذ مضوا ... عنها استطارت بمن فيها ولم تقرِ٨
كانوا مصابيحها فمُذْ خبوْا عثرت ... هذي الخليقة يا لله في سَدَرِ٩
كانوا شجَا الدهر فاستهوتهم خدع ... منه بأحلام عاد في خُطا الحضرِ١٠
_________
١- العوالي: الرماح، والخط: موضع في البحرين، كانت تُثَقَّف فيه الرماح.
٢- الآزفة: القيامة، ومنه: الأزف: الضيق وسوء العيش. قمع فلانًا: قهره وذلَّله، أو منعه عما يريد، أو ضرب أعلى رأسه.
٣- ويب: كلمة مثل وَيْل، تقول: ويبَكَ، وويبَ لك، وويبًا لك، ويقال: ويبَ فلان. عمر: هو أبو محمد عمر المتوكل بن المظفر.
٤- الفضل والعباس: هما ابنا المتوكل، وقد قتلهما المرابطون في بَطَلْيُوس. الهامية: السحابة الممطرة.
٥- لم يربع: لم يقف. لم يحر: لم يرجع.
٦- الزهر: المشرقة، المتلألئة.
٧- الشرائع: جمع الشريعة: مورد الماء الذي يستقى منه بلا رِشَاءٍ.
٨- لم تقر: لم تثبت.
٩- السدر: الحيرة، يقال: سدِر فلانٌ: تحير بصره.
١٠- الشجا: ما اعترض ونشب في الحلق من عظم ونحوه.
1 / 67