مَوْضُوع الْكتاب
الترادف - أَسمَاء الْأَشْيَاء
الترادف أَصله اللّغَوِيّ المادى ركُوب أحد خلف الآخر فَيُقَال ردف الرجل وأردفه أى ركب خَلفه، وارتدفه خَلفه على الدَّابَّة
فالردف هُوَ مَا تبع الشىء وكل شىء تبع شَيْئا فَهُوَ ردفه وَإِذا تتَابع شىء خلف شىء فَهُوَ الترادف
وَمن هَذَا قَوْلهم مرادفة الْجَرَاد أى ركُوب الذّكر على الْأُنْثَى
وَيُقَال لِليْل وَالنَّهَار ردفان لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا ردف صَاحِبَة أى يتبعهُ
وَقد فسر قَوْله تَعَالَى ﴿بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ﴾ (١) بِمَعْنى يأْتونَ فرقة بعد فرقة على رأى الزّجاج وَقَالَ الْفراء مُردفِينَ مُتَتَابعين
الترادف فِي اللُّغَة
الترادف أَلْفَاظ متحددة الْمَعْنى وقابلة للتبادل فِيمَا بَينهَا فِي أى سِيَاق أى تعدد الْأَلْفَاظ لِمَعْنى وَاحِد أى عبارَة عَن وجود أَكثر من كلمة لَهَا دلَالَة وَاحِدَة أَو هُوَ الْأَلْفَاظ المفردة الدَّالَّة على شىء وَاحِد بِاعْتِبَارِهِ وَاحِدًا وَقد تنشأ ظروف فِي اللُّغَة تُؤَدّى إِلَى تعدد الْأَلْفَاظ لِمَعْنى وَاحِد أَو تعدد الْمعَانى للفظ وَاحِد وَمن الترادف مَا هُوَ لهجات لقبائل مُخْتَلفَة أَو تناسى الفروق الدقيقة بَين الْكَلِمَات
يَقُول سِيبَوَيْهٍ وَأعلم أَن من كَلَامهم يقْصد الْعَرَب اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين وَاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَالْمعْنَى وَاحِد واتفاق اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَاف الْمَعْنيين
1 / 11
وَيَقُول قطرب الْكَلَام فِي أَلْفَاظ بلغَة الْعَرَب على ثَلَاثَة أوجه فَوجه مِنْهَا وَهُوَ الْأَعَمّ الْأَكْثَر اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ لاخْتِلَاف الْمَعْنيين وَذَلِكَ قَوْلك الرجل وَالْمَرْأَة وَقَامَ وَقعد وَهَذَا لَا سَبِيل إِلَى جمعه وحصره لِأَن أَكثر الْكَلَام عَلَيْهِ وَالْوَجْه الثانى اخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ وَالْمعْنَى وَاحِد وَذَلِكَ مثل عير وحمار وذئب وَسيد وَجلسَ وَقعد إِلَخ وَالْوَجْه الثَّالِث أَن يتَّفق اللَّفْظ وَيخْتَلف الْمَعْنى فَيكون اللَّفْظ الْوَاحِد على مَعْنيين فَصَاعِدا مثل الْأمة الرجل وَحده يوتم بِهِ وَالْأمة الْقَامَة قامة الرجل وَالْأمة من الْأُمَم وَمن هَذَا اللَّفْظ الْوَاحِد الذى يجىء على مَعْنيين فَصَاعِدا مَا يكون متضادا فِي الشىء وضده
كَثْرَة مترادفات اللُّغَة الْعَرَبيَّة مِمَّا تمتاز بِهِ لغتنا الْعَرَبيَّة كَثْرَة مترادفاتها مِمَّا لَا يُوجد لَهُ نَظِير فِي أَيَّة لُغَة من اللُّغَات السامية أَو غَيرهَا من الْأَمْثِلَة على ذَلِك مَا سنجده فِي هَذَا الْكتاب مِمَّا جمع من الْأَسْمَاء للأسد أَو السَّيْف وَغَيرهمَا بل نجد الفيروزآبادي صَاحب الْقَامُوس يضع كتابا فِي أَسمَاء الْعَسَل فَذكر لَهُ أَكثر من ثَمَانِينَ اسْما وَقرر مَعَ ذَلِك أَنه لم يستوعبها كلهَا
وَإِن الْعَرَبيَّة الفصحى تخْتَلف فِي ذَلِك اخْتِلَافا كَبِيرا عَن اللهجات العامية الحديثة المتشعبة عَنْهَا فمتون هَذِه اللهجات ضيقَة وتكاد تكون مُجَرّدَة من المترادفات
1 / 12
موقف اللغويين القدماء من الترادف
جمع اللُّغَة من مصادرها
مُنْذُ بَدَأَ الرعيل الأول من اللغويين فِي جمع اللُّغَة فِي الْقرن الثَّانِي وَالثَّالِث الهجريين من الْقُرْآن الْكَرِيم والْحَدِيث الشريف وَكَلَام الْعَرَب من شعر وخطب ورسائل بل وَمن أَفْوَاه فصحاء الْعَرَب بدءوا فِي تدوين مادتهم اللُّغَوِيَّة الَّتِي جمعوها
وسلكوا سبلا شَتَّى فِي تنظيمها فبعضهم آثر ان يجمع الْكَلِمَات الَّتِي تدل على معنى وَاحِد فِي تأليف واحده سموهُ المترادف أَو مَا اخْتلفت أَلْفَاظه واتفقت معانية وَقد وصل الْأَمر فِي جمع المترادف إِلَى أَن ظهر بِهِ التحدى بَين الْعلمَاء من ذَلِك
تفاخر الْعلمَاء بِكَثْرَة حفظ المترادفات مَا رَوَاهُ ابْن فَارس أَن هَارُون الرشيد سَأَلَ الْأَصْمَعِي عَن شعر لِابْنِ حزَام العكلى ففسره فَقَالَ يَا أصمعى إِن الْغَرِيب عنْدك لغير غَرِيب قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا أكون كَذَلِك وَقد حفظت للحجر سعبين اسْما
وَوجدنَا السيوطى ينظم لمنظومة أحصى فِيهَا أَسمَاء الْكَلْب قدم لَهَا قَائِلا دخل يَوْمًا أَبُو الْعَلَاء المعرى على الشريف المرتضى فعثر بِرَجُل فَقَالَ الرجل من هَذَا الْكَلْب فَقَالَ أَبُو الْعَلَاء الْكَلْب من لَا يعرف للكلب سبعين أسما قلت وَقد تتبعت كتب اللُّغَة فحصلتها ونظمتها فِي أرجوزة وسميتها التبرى من معرة المعرى
1 / 13
وَعَاد السيوطى بِعَمَلِهِ هَذَا أَلا يكون كَلْبا عِنْد أَبى الْعَلَاء وَلَا يَنَالهُ شىء من تَغْيِيره
وَقد بلغ السيوطى فِي عد أَسمَاء الْكَلْب سبعين فَصَاعِدا إِذْ اعْتبر فِي الْعد لُغَات الْقصر وَالْمدّ وَتغَير البنية
وَفِي تِلْكَ الْأَسْمَاء مَا كَانَ صفة فَغلبَتْ عَلَيْهِ الاسمية مثل الْوَازِع وكسيب لِأَنَّهُ يَزع الذِّئْب عَن الأغنام ويكسب لأَهله وكالأعقد لانعقاد ذَنبه وكالبصير لحدة بَصَره وَالْمُنْذر لِأَنَّهُ ينذر باللصوص
وَمِنْهَا مَا هُوَ ألقاب جعلت على الْكَلْب لِأَن مَعَانِيهَا فِيهِ كداعى الْكَرم لِأَنَّهُ يدل العابرين على أهل بنباحه فيتضيفونهم وَفِي مَعْنَاهُ داعى الضَّمِير أى مناديه وَالضَّمِير هُنَا من أضمرته الْبِلَاد بِمَوْت أَو سفر وَيُوجد فِيهَا مَا هُوَ كنية كأبى خَالِد وَمن بَينهَا مَا هُوَ خَاص بأسنان الْكلاب كالدرص والجرو لصغارها
وَيدخل فِيهَا مَا يتَعَلَّق بالفصائل مثل العسبور لولد الْكَلْب من الذئبة وكالديسم لولد الكلبة من الثَّعْلَب أَو من الذِّئْب افْتتح السيوطى التبرى بقوله
(لله حمد دَائِم الولى ... ثمَّ صلَاته على النبى)
(قد نقل الثِّقَات عَن أَبى الْعلَا ... لما أَتَى للمرتضى ودخلا)
(قَالَ لَهُ شخص بِهِ قد عثرا ... من ذَلِك الْكَلْب الذى مَا أبصرا)
(فَقَالَ فِي جَوَابه قولا جلى ... معيرا لذَلِك المجهل)
(الْكَلْب من لم يدر من أَسْمَائِهِ ... سبعين موميا إِلَى علائه)
(وَقد تتبعت دواوين اللُّغَة ... لعلنى أجمع من ذَا مبلغه)
(فَجئْت مِنْهَا عددا كثيرا ... وأرتجى فِيمَا بقى تيسيره)
(وَقد نظمت ذَاك فِي هَذَا الرجز ... ليستفدها الذى عَنْهَا عجز)
(فسمه هديت بالتبرى ... يَا صَاح من معرة المعرى)
1 / 14
ثمَّ شرع يُسَمِّيه فَقَالَ
(من ذَلِك الباقع ثمَّ الوزاع ... وَالْكَلب والأبقع ثمَّ الزَّارِع والخيطل السخام ثمَّ الْأسد ... والعربج الْعَجُوز ثمَّ الأعقد والأعنق الدرباس والعملس ... والقرطب الفرنى ثمَّ الْفلس) وَمِنْهَا
(وعد من أَسْمَائِهِ الْبَصِير وَفِيه لغز قَالَه خَبِير وَهَكَذَا سموهُ داعى الْكَرم مشيد الذّكر متمم النعم والمستطير هائج الْكلاب ... كَذَا رَوَاهُ صَاحب الْعباب والدرص والجرو مثلث ألفا ... لولد الْكَلْب أسام تلفى والسمع فِيمَا قَالَه الصولى ... وَهُوَ أَبُو خَالِد الكنى وَولد الكلبة من ذِئْب سمى ... أَو ثَعْلَب فَمَا رووا بالديسم كَذَلِك كلب المَاء يدعى القندسا ... فِيمَا لَهُ ابْن دحْيَة قد ائتسى وكلبة المَاء هِيَ القضاعة ... جَمِيع ذَاك أثبتوا سَمَاعه)
ثمَّ خَتمهَا بقوله
(هَذَا الذى من كتب جمعته ... وَمَا بدا من بعد ذَا الحقته وَالْحَمْد لله هُنَا تَمام ... ثمَّ على نبيه السَّلَام)
وَهِي تنظم فِي سَبْعَة وَثَلَاثِينَ بَيْتا وَهِي مَا بَين وأوعده السوطى فِي كِتَابَة ديوَان الْحَيَوَان الذى لخص فِيهِ حَيَاة الْحَيَوَان للكمال الدميرى وَالَّذِي تُوجد مِنْهُ مخطوطة بدار الْكتب المصرية والتبرى يُوجد أَيْضا مُفردا مُسْتقِلّا فِي مخطوطتين محفوظتين بدار الْكتب المصرية ضمن مجموعتين وَقد صدر مطبوعا ضمن الْمَجْمُوع الْمُسَمّى بتعريف
1 / 15
القدماء بأبى الْعَلَاء سنة ١٩٤٤ م، وطبع بتحقيق مَحْمُود نصار بدار الجيل ببيروت سنة ١٩٩٢ م
ويروى ابْنا فَارس أَن ابْن خالوية قَالَ جمعت للأسد خَمْسمِائَة اسْم وللحية مِائَتَيْنِ
وَغير ذَلِك من الروابا الَّتِي تؤكد الترادف فِي الْعَرَبيَّة
وَمن الْقَصَص والْآثَار الَّتِي تؤكد وجود الترداف فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة مَا روى أَن رجلا كأبى هُرَيْرَة لَا يعرف كلمة السكين لِأَنَّهُ من قَبيلَة أَزْد فقد سَقَطت من يَد النبى ﷺ فَقَالَ بعد أَن كرر الرَّسُول ﷺ لَهُ القَوْل ثَانِيَة وثالثة آلمدية تردي فَقَالَ الرَّسُول ﷺ نعم (٢)
وَيَقُول النبى ﷺ لأبى تَمِيمَة إياك والمخيلة فَقَالَ يَا رَسُول الله نَحن عرب فَمَا المخيلة فَقَالَ رَسُول الله ﷺ سبل الْإِزَار فوضحها لَهُم
بل إِن أَبَا الصّديق رضى الله عَنهُ ﴿وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتا﴾ وَعمر بن الْخطاب يسمع قَوْله تَعَالَى ﴿وَفَاكِهَة وَأَبا﴾ (٦) فَيَقُول هَذِه الْفَاكِهَة فَمَا الْأَب ونجده يسْأَل فِي كلمة التخوف من قَوْله تَعَالَى ﴿أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف﴾
1 / 16
وَقد انقسم عُلَمَاء الْعَرَبيَّة تجاه الترادف إِلَى فريقين ١ - مُثبت للترادف ٢ - مُنكر للترادف
ويبدو أَن مثبتى الترادف من عُلَمَاء الْعَرَبيَّة كَانُوا فريقين فالفريق الأول وسع مَفْهُومه وَلم يُقيد حُدُوثه بأى حُدُود وَيذكر ابْن فَارس (ت ٢٩٥ هـ) هَذَا الْخلاف بقوله وَيُسمى الشىء الْوَاحِد بالأسماء الْمُخْتَلفَة نَحْو السَّيْف والمهند والحسام والذى نقُوله فِي هَذَا ان الِاسْم وَاحِد وَهُوَ السَّيْف وَمَا بعده من الألقاب صِفَات ومذهبنا أَن كل صفة مِنْهَا ومعنا غير معنى الْأُخْرَى وَقد خَالف فِي ذَلِك قوم فزعموا أَنَّهَا ون اخْتلف الأفاظها فَإِنَّهَا ترج إِلَى معنى وَاحِد وَذَلِكَ قَوْلنَا سيف وعضب وحسام
وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ مِنْهَا اسْم وَلَا صفة إِلَّا وَمَعْنَاهُ غير معنى الآخر وَكَذَلِكَ الْأَفْعَال نَحْو مضى وَذهب وَانْطَلق وَقعد وَجلسَ وركض ونام وهجع وَهُوَ مَذْهَب شَيخنَا الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب
والفريق الثانى قيد حُدُوث الترادف وَوضع شُرُوطًا تحد من كَثْرَة وُقُوعه وَمن أثبت الترادف وَوضع لَهُ قيودا ليحد من كَثْرَة وُقُوعه
فَخر الدّين الرازى الذى كَانَ يرى قصر الترادف على مَا يتطابق فِيهِ المعنيان بِدُونِ أدنى تفَاوت فَلَيْسَ من الترادف عِنْده السَّيْف والصارم لِأَن فِي الثَّانِيَة زِيَادَة فِي الْمَعْنى
وَمِنْهُم الأصفهانى الذى كَانَ يرى أَن الترادف الحقيقى هُوَ مَا يُوجد فِي اللهجة الْوَاحِدَة أما مَا كَانَ من لهجتين فَلَيْسَ من الترادف
وَمن عُلَمَاء الْعَرَبيَّة من نفى وجود الترادف فِي اللُّغَة وعَلى رَأس هَذِه الطَّائِفَة ثَعْلَب وَأَبُو على الفارسى وَابْن فَارس وَأَبُو هِلَال العسكرى
1 / 17
قَالَ أَبُو على الفارسى كنت بِمَجْلِس سيف الدولة بحلب وبالحضرة جمَاعَة من أهل اللُّغَة وَفِيهِمْ ابْن خالويه فَقَالَ أبن خالويه فَقَالَ ابْن خالويه أحفظ للسيف خمسين أسما فَتَبَسَّمَ أَبُو على وَقَالَ مَا أحفظ إِلَّا اسْما وَاحِدًا وَهُوَ السَّيْف قَالَ ابْن خالويه فَأَيْنَ المهند والصارم وَكَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو على هَذِه صِفَات وَكَأن الشَّيْخ لَا يفرق بَين الِاسْم وَالصّفة وَقَالَ التَّاج السبكى فِي شرح الْمِنْهَاج وَذهب بعض النَّاس إِلَى إِنْكَار الترادف فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة ووزعم أَن كل مَا يظنّ من المتردفات فَهُوَ من المتباينات الَّتِي تتباين بِالصِّفَاتِ كَمَا فِي الْإِنْسَان والبشر فَإِن الأول مَوْضُوع لَهُ بِاعْتِبَار النسْيَان أَو بِاعْتِبَار أَنه يؤنس
وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِهِ أَنه بادى الْبشرَة وَكَذَا الخندريس وَالْعَقار فَإِن الأول بِاعْتِبَار الْعتْق وَالثَّانِي بِاعْتِبَار عقر الدن لشدتها
وتكلف لأكْثر المترادفات بِمثل هَذَا الْمقَال العجيب
وَوجدنَا أَبَا هِلَال العسكرى وَهُوَ كَمَا يَقُول عِنْد الدكتور إِبْرَاهِيم أنيس أديب ناقد يسْتَشف من الْكَلِمَات أمورا سحرية ويتخيل فِي مَعَانِيهَا أَشْيَاء ينقب وَرَاء المدلولات سابح فِي عَالم الخيال ويصور دقائق الْمَعْنى وظلاله وَقد ألف أَبُو هِلَال كتاب الفروق اللُّغَوِيَّة نَادَى فِيهِ بِأَن كل اسْمَيْنِ يدريان على الْمعَانى وَعين الْأَعْيَان فِي لُغَة وَاحِدَة فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا يقتضى خلاف مَا يَقْتَضِيهِ الآخر وَإِلَّا لَكَانَ الثَّانِي فضلا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ
1 / 18
وَإِذا أردنَا زِيَادَة إِيضَاح رأية نرْجِع إِلَى كتاب الفروق اللُّغَوِيَّة لنرى أَمْثِلَة مِنْهُ
الْفرق بَين التقريظ والمدح يكون للحى وَالْمَيِّت والتقريظ لَا يكون إِلَّا للحى وخلافه التأبين لَا يكون إِلَّا للْمَيت وأصل التقريظ من الْقرظ وَهُوَ شىء يدبغ بِهِ الْأَدِيم وَإِذا أدبغ بِهِ حسن وَصلح وزادت قيمَة فَشبه مدحك للْإنْسَان الحى بذلك كَأَنَّك تزيد من قِيمَته بمدحك إِيَّاه وَلَا يَصح هَذَا الْمَعْنى فِي الْمَيِّت وَلِهَذَا يُقَال مدح الله وَلَا يُقَال قرظه وم اجْتِهَاد أَبى هِلَال فِي هَذَا الْكتاب لإِظْهَار الْفرق بَين الْكَلِمَات إِلَّا ان لَهُ كتابين آخَرين يترف فيهمَا بالترادف وهما ١ - التَّلْخِيص فِي معرفَة أَسمَاء الْأَشْيَاء ٢ - المعجم فِي بَقِيَّة الْأَشْيَاء
فموقف أَبى هِلَال أَنه لَا يُوسع من دَائِرَة الترادف التَّام أما الترادف الجزئى فَلَا يمنعهُ بِحَال
يَقُول الدكتور رَمَضَان عبد التواب فرغم مَا يُوجد بَين لَفْظَة مترادفة وَأُخْرَى من فروق أَحْيَانًا فإننا لَا يَصح أَن ننكر الترادف مَعَ من أنكرهُ جملَة فَإِن إحساس الناطقين باللغة كَانَ يُعَامل هَذِه الْأَلْفَاظ مُعَاملَة المترادف فنراهم يفسرون اللَّفْظَة مِنْهَا بِالْأُخْرَى كَمَا روى عَن أَبى زيد الأنصارى أه قَالَ قلت لأعرابي مَا المحبنطىء قَالَ المتكأكىء قَالَ قلت مَا لمتكأكىء قَالَ المتأزف قَالَ قلت مَا المتأزف قَالَ أَنْت أَحمَق (٤)
1 / 19
الترادف عِنْد الْمُحدثين
نجد بَين الْمُحدثين نفس الْخلاف الذى وَجَدْنَاهُ بَين القدماء وَلَكِن نجد أَن النظرة تخْتَلف فألمحدثون الدّين أثبتوا الترادف قد عرفوه وقسموه ووضحوه وَقد ربطوها بتحديد الْمَعْنى
يفرقون بَين اتِّفَاق الْكَلِمَتَيْنِ اتِّفَاقًا تَاما أَو اتِّفَاقًا جزئيا فقسموا الترادف الى ترادف تَامّ أَو كَامِل
ترادف جزئى أَو شبه ترادف
الترادف التَّام ويعنى الِاتِّفَاق فِي الْمَعْنى بَين الْكَلِمَتَيْنِ اتِّفَاقًا تَاما، على أَن يكون فِي ذهن الْكَثْرَة الْغَالِبَة من أَفْرَاد البيئة الْوَاحِدَة فمثلا إِذا تبين بِدَلِيل قوى أَن العربى حَقًا يفهم من كلمة جلس شَيْئا لَا يستفيده من كلمة قعد قَالُوا إِنَّه لَيْسَ ترادفا تَاما فالترادف التَّام مَا يكمن تبادل الْكَلِمَات بدل بَعْضهَا فِي أى جملَة دون تَغْيِير الْقيمَة الْحَقِيقَة
(ب) البيئة اللُّغَوِيَّة الْوَاحِدَة أتنتمى الْكَلِمَات إِلَى لهجة وَاحِدَة أَو مَجْمُوعَة منسجمة من اللهجات الْعَرَب المتباينة حِين عدوا الجزيرة الْعَرَبيَّة كلهَا بيئة وَاحِدَة
(ج) الْعَصْر الْوَاحِد فَإِن مُرُور الزَّمن قد يخلق فروقا بَين الْأَلْفَاظ أَو تتناسى هَذِه الفروق مثل المشرفى والمهود واليمانى فيستعمل الثَّلَاثَة بِمَعْنى السَّيْف وَلَكِن صنع فِي دمشق والمهند صنع فِي الْهِنْد واليمانى صنع فِي الْيمن وَلكُل مِنْهُم صِفَاته
1 / 21
(د) أَلا يكون أحد اللَّفْظَيْنِ نتيجة تطور صوتى للْآخر فلفظه أز وهز تطور صوتى فَلَا يعتبران ترادفا عِنْدهم وَكَذَا أصر هصر وَكَذَا الجثل والجفل بِمَعْنى النَّمْل
وعَلى هَذَا نرى أَن الترادف الْكَامِل قَلِيل جدا فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة لهَذِهِ الشُّرُوط التيى وضعوها
فَإِذا نَظرنَا إِلَى أى لفظين دَاخل بل لهجة وَاحِدَة من هَذِه اللُّغَة إِذا تعدّدت لهجلاتها وَفِي مستوى لغَوِيّ وَاحِد وخلال فَتْرَة زمنية وَاحِدَة وَبَين أَبنَاء الْجَمَاعَة اللُّغَوِيَّة الْوَاحِدَة فالترادف التَّام صَعب الْوُجُود بل غير مَوْجُود على الْإِطْلَاق
فعلى رأى الْمُحدثين فِي الترادف التَّام تخرج كل هَذِه النماذج التيى أذكرها فَلَا ترادف تَامّ بَينهَا
(أ) حَامِل وحبلى فَالْأولى راقية مؤدبة وَالثَّانيَِة مبتذلة لآحظ الْقُرْآن الْكَرِيم اسْتعْمل الأولى فَقَط
(ب) كنيف ومرحاض ودورة مياه والتواليت وَالْحمام فَلِكُل مِنْهَا بيئة الْخَاصَّة إِلَى جَانب تفاوتها فِي دَرَجَة التلطف واللامساس
(ج) عقيلته وَحرمه وَزَوجته ومراته فَالْأولى رسمية لَا تستخدم إِلَّا مَعَ الشخصيات وَالثَّانيَِة أقل رسمية وَالثَّالِثَة عَرَبِيَّة فصيحة وَالرَّابِعَة عامية بِالْإِضَافَة إِلَى مَا يحملهُ كل لفظ من دلالات اجتماعية وثقافية بِالنِّسْبَةِ للمتكلم وتوجد بعض الفروق بَين الْأَلْفَاظ الَّتِى يدعى ترادفها ١ - أَن يكون اُحْدُ اللَّفْظَيْنِ أَكثر عمومية أَو شمولا من الآخر مثل بَكَى - انتحب
1 / 22
٢ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ أَكثر حِدة من الآخر مثل أَنْهَك أتعب ٣ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ مرتبطأ بالانفعال أَو الإثارة من الآخر مثل أتون موقد ٤ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ متميزا باستحسان أدبى أَو استهجان فِي حِين يكون الآخر محايدا مثل تواليت مرحاض دورة مياة ٥ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ أكر تخصصية من الآخر مثل حكم ذاتى اسْتِقْلَال ٦ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ مرتبطا باللغة الْمَكْتُوبَة أَو أدبيا أَكثر من الآخر مثل تلو - بعد ٧ - أَن يكون أحد اللَّفْظَيْنِ منتميا إِلَى لُغَة الْأَطْفَال أَو من يتحدث إِلَى الْأَطْفَال بِخِلَاف الآخر مثل مِم كل وللحق فَلَقَد وجدنَا مثل هَذَا عِنْد بعض اللغويين القدماء وَإِن كَانُوا قد أشاروا إِلَيْهَا إِجْمَال حِين فرقوا بَين المترادف والمتكافىء أَو بالترادف التَّام وَشبه الترادف
شبه الترادف أما شبه الترادف أَو الترادف غير التَّام فبعض الْمُحدثين لَا يرونه ترادفا حَقِيقِيًّا
وَشبه الترادف أَو الترادف غير التَّام هُوَ الذى تؤلف فِيهِ معجمات الترادف فقد يأْتونَ بالترادف فِي الْمُفْردَات أوبين الْجمل والعبارات وَقد يكون تواردا وتجانسا فِي الْمعَانى وَقد يكون تطورا صوتيا للألفاظ وَقد يكون من الْأَلْفَاظ المتقاربة فِي الْمَعْنى جدا بِحَيْثُ يصعب على الْمَرْء تَحْدِيد الفروق بَينهَا
1 / 23
وَقد تكون باشتراك الْأَلْفَاظ فِي مَجْمُوع الصِّفَات التمييزية الأساسية لِأَن مَا عدا مكونات الْمَعْنى الأساسى لَا تعد من الصِّفَات التمييزية الأساسية فالمكونات الاساسية لكلمة أَب هِيَ نَفسهَا وَالِد وداد إِلَخ
أَسبَاب كَثْرَة المترادفات فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة شبه المترادفة
كَثْرَة اللهجات فقد يكون للشى الْوَاحِد كل لهجة اسْما وَعند احتكال اللهجات بَعْضهَا بِبَعْض ونشأة اللُّغَة الْعَرَبيَّة الْمُشْتَركَة والمدية وَقد فطن إِلَى هَذَا الأصفهانى بقول ينبغى أَن يحمل كَلَام منع الترادف على مَنعه فِي لُغَة وَاحِدَة أما فِي لغتين فَلَا يمنعهُ عَاقل
كَمَا يَقُول الأصوليون إِن من أَسبَاب الترادف أَن تضع إِحْدَى القبيلتين أحد الاسمين وَالْأُخْرَى الأسم الآخر للمسمى الْوَاحِد من غير ان تشعر إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ثمَّ يشْتَهر الوضعان وَيخْفى الواضعان أَو يلتبس وضع أَحدهمَا بِوَضْع الآخر أَن يكون للشىء الْوَاحِد اسْم وَاحِد ثمَّ يُوصف بِصِفَات مُخْتَلفَة باخْتلَاف خَصَائِص ذَلِك الشىء
وَقد ينسى الْوَصْف أَو يتناساه المتحدث باللغة وَمن أَمْثِلَة ذَلِك السَّيْف وأسماؤه وَغير ذَلِك فَمن صِفَات السَّيْف الْمُخْتَلفَة الهندوانى لِأَنَّهُ صنع فِي الْهِنْد والصارم والباتر والصقيل والقاضب لحدته فِي الْقطع وَغير ذَلِك
1 / 24
الطّور اللغوى للفظة الْوَاحِد فقد تتطور بعض الْأَصْوَات للكلمة الْوَاحِدَة فتشأ للكلمة عدَّة مترادفات لاخْتِلَاف النُّطْق بهَا أَكثر من شكل كتابى فيعدها اللغويون ترادفا مثل هطلت السَّمَاء وهتلت وهنت وأصلهم وَاحِد وتمتلىء كتب الأبدال بِمثل هَذِه الْكَلِمَات
الِاسْتِعَارَة من اللُّغَات الْأَجْنَبِيَّة مثل الْأَلْفَاظ المستعارة من الفارسية والرومية وَغَيرهَا مثل كلمة دستفشار من أَسمَاء الْعَسَل قَالَ ابْن مَنْظُور كلمة فارسية مَعْنَاهَا مَا عصرته الأيدى وغيرى ذَلِك
وبهذه الْأَسْبَاب الْأَرْبَعَة وجدنَا كَثْرَة مترادفات اللُّغَة الْعَرَبيَّة وَوجدنَا هَذَا التراث الضخم من الْأَسْمَاء للمسمى الْوَاحِد وَلَيْسَ ترادفا تَاما بل شبه ترادف إِذْ قد تُوجد فروق دقيقة فِي الْمَعْنى ببين الْكَلِمَات بَعْضهَا وَبَعض ويكفى أَن أضْرب مثلا بِكَلِمَات أَسمَاء الدَّهْر وَأَسْمَاء السّنة وَأَسْمَاء السَّمَاء وَأَسْمَاء النُّور فِي هَذَا الْكتاب فقد ذكرت فِي هَامِش الصفحات معانى كل كلمة من الْكَلِمَات لتظهر لنا الفروق الدقيقة الَّتِى وَضَعتهَا بعض المعاجم اللُّغَوِيَّة لهَذِهِ الْكَلِمَات الَّتِي تعبر مجَازًا مترادفات أَو قد تطلق مجَازًا بَعْضهَا مَكَان بعض وَلَكِن فِي الْحَقِيقَة لكل لَفْظَة معنى محدد لَهُ
وَلذَا نفى الْعلمَاء وجود الترادف التَّام فِي الْقُرْآن لِأَنَّهُ قمة الفصاحة وَالْبَيَان فَكل لَفْظَة تُوضَع مَكَانهَا فمثلا كلمة جلس تذكر فِي مَكَانهَا ولكمة قعد فِي مَكَانهَا مَعَ أَن بعض اللغويين قد يذكرهَا فِي بَاب الترادف وَكَذَلِكَ كلمتى أَتَى جَاءَ وَكَذَلِكَ كلمتى السغب الْجُوع وَغير ذَلِك مِمَّا يطول بِنَا الحَدِيث عِنْد ذكره وَإِن وجدنَا كَثْرَة من اللغويين والبلاغيين تنبهوا لمثل هَذَا وَقد ذكرنَا مُلَخصا لآرائهم فِي نفى الترادف
ولكننا نقصد بأسماء فِي هَذَا المعجم مَا أَظن أَن الْمُؤلف رَحمَه
1 / 25
الله قد قَصده وَهُوَ شبه الترادف إِذْ تقترب الْأَلْفَاظ بَعْضهَا من بعض إِمَّا فِي اللهجات أَو صِفَات أَو تطور لغوى أَو اسْتِعَارَة من لُغَات أَجْنَبِيَّة وَبِاللَّهِ وَحده التَّوْفِيق وَهُوَ الْمُسْتَعَان فِي كل حَال كتبه راجى عَفْو ربه أَحْمد عبد التواب عوض
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
1 / 26
مُقَدّمَة المُصَنّف
الْحَمد لله الذى جعل اللُّغَة الْعَرَبيَّة أوسع اللُّغَات نطاقا وأبلغها مقَالا وأفسحها مجالا وَعلمنَا الْبَيَان وألهمنا التِّبْيَان الْمُقَدّس فِي ذَاته عَن سمات النَّقْص فِي صِفَاته فقد أودع فِي كل من الْمَخْلُوقَات من بديع صفته ولطيف آيَاته وَمن الحكم والعبر مَالا يُدْرِكهُ الْبَصَر الذى شهِدت الكائنات بِوُجُودِهِ وَشَمل الموجودات عميم كرمه وجوده ونطقت الجمادات بقدرته وأعربت العجماوات عَن حكمته وتخاطبت الْحَيَوَانَات بلطيف صَنعته وتنازت الْأَطِبَّاء بتوحيده وتلاغت وحوش القفار بتغريده كل من نَام وجاهد يشْهد أَنه إِلَه وَاحِد منزه عَن الشَّرِيك والمعاند مقدس عَن الزَّوْجَة وَالْولد وَالْوَالِد
وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله لَا شريك لَهُ رب أودع أسرار ربوبيته فِي بريته وَأظْهر أنوار صمديته فبعض يعرب بِلِسَان حَاله وَبَعض يعرب بِلِسَان مقاله وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله من صَدَقَة تمّ سوله أفضل من بعث بالرسالة وسلمت عَلَيْهِ الغزالة وَكلمَة الْحجر وآمن بِهِ الْمدر وَانْشَقَّ لَهُ الْقَمَر ﷺ صَلَاة تنطق بالإخلاص وتسعى لقائلها بالخلاص وعَلى آله أسود المعارك وَأَصْحَابه شموس المسالك وَسلم تَسْلِيمًا وزاده شرفا وتعظيما.
1 / 27
أما بعد
فَيَقُول العَبْد الْفَقِير أَحْمد بن مصطفى اللبابيدى الدمشقى إِنَّه لما وجدت بضَاعَة الْعُلُوم رائجة فِي زمن سلطاننا الْأَعْظَم وخاقاننا الأفخم السُّلْطَان الغازى عبد الحميد خَان بن السُّلْطَان الغازى عبد الْمجِيد خَان سُلْطَان الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين محيى سيرة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين مَعْدن الْفضل والأمان المتمثل قَوْله تَعَالَى ﴿إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان﴾ وَلَا زَالَ لِوَاء عدله المنشور إِلَى يَوْم النشور وَلَا زَالَت سلطنته مسلسلة إِلَى انْتِهَاء الزَّمَان رافلا فِي حلل السَّعَادَة وَالرِّضَا والرضوان ورايت كثيرا من أهل الْعلم وَالْأَدب يرغبون كتابا حاويا على غَرِيب اللُّغَات وتحققت أَن صَاحب الدولة والسماحة شيخ الْإِسْلَام جمال الدّين افندى الْمُعظم فريد الْفَخر فِي نحر هَذَا الْعَصْر وإكليل المعالى فَوق رَأس الْأَيَّام والليالى بدر الْمغرب الذى استضاء بِهِ الشرق وَفرع دوحة السلالة الَّذين لَهُم فِي المعالى فضل سبق الرافل فِي مطارف الْمجد الأبدى والعز السرمدى رغبته لمثل هَكَذَا تَأْلِيفَات لاستجلاب الدَّعْوَات الْخَيْرِيَّة لسيدنا وَولى نعمتنا أَمِير الْمُؤمنِينَ أيده الله تَعَالَى بِالْمَلَائِكَةِ المقربين وَكَانَت الْكتب الْمُؤَلّفَة بهَا وَإِن كَانَت محتوية على فَوَائِد إِلَّا أَن المتناسب مِنْهَا غير مَجْمُوع فِي مَكَان وَاحِد فَكَانَ تَعْلِيقه بالأذهان يحْتَاج إِلَى طول من الزَّمَان وَلَا يَتَيَسَّر ذَلِك لكل إِنْسَان فَجمعت مَا تناسب مِنْهَا تسهيلا للمرام وَهُوَ مَا يشفى الْقُلُوب ويطفى الأوام لكَونهَا ألفاظا منسوجة على منوال عَجِيب وآثاراء اسديت لحمتها فِي صنع بديع غَرِيب فينبغى أَن تتلقاها الْقُلُوب بِالْقبُولِ والصدور بالانشراح والبصائر بالاستبصار
1 / 28
وَذكرت مُفْرَدَات لَطِيفَة الْمعَانى دقيقة المبانى يظْهر فَضلهَا وحلاوتها فِي التراكيب عِنْد وَضعهَا فِي المناسبات وَلكُل الأساليب إِذْ كل مؤلف مِنْهَا كَانَ لطيفا وعاليا منيفا على نسق تَرْتِيب المقامة عِنْد ذوى الْفَهم وَالْإِقَامَة وَإِن كنت كررت بعض الْأَلْفَاظ فِي مَوَاضِع فقصدت ترتيبا على نسق غَرِيب كَمَا لَا يخفى على ذى فهم أريب وَقد احتوى على ثَلَاث جِهَات
الأولى جِهَة الْأَسْمَاء المترادفة المقبولة عِنْد ذوى الْعُقُول العارفة
الثَّانِيَة محتوية على عدَّة فُصُول هِيَ مَقْبُولَة عِنْد ذوى الْعُقُول
الثَّالِثَة مُشْتَمِلَة على مَا كَانَ عجيبا وبديعا من اللُّغَات والمقدمة المركبة من الْمُفْردَات
وَكَانَ جلّ مأخذه من الْقَامُوس الذى هُوَ لكل ذى أدب ناموس وَمَا أخذت من غَيره إِلَّا مَا ندر وَقل ودق وَجل كفقه اللُّغَة وفصيح ثَعْلَب ومزهر السيوطى والأشباه والنظائر الَّتِى هِيَ مُعْتَبرَة عِنْد أولى البصائر
وسميته لطائف اللُّغَة بِاعْتِبَار مَا اشْتَمَلت الْجِهَة الآخيرة من المقامة فنسأل الله تَعَالَى أَن ينفع بِهِ عُمُوم الْمُسلمين بِحَق سُورَة عَم وَسورَة يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ ختامه فِي سنة ألف وثلاثمائة وَإِحْدَى عشر فِي أول أشهرها شهر محرم جعله الله خَالِصا لوجهه الْكَرِيم آمين
1 / 29
أَسمَاء الدَّهْر
السمر
السمير
السبات
الحرس
الحقب
الحقب
السبت
الزَّمن
الْمسند
العتك
1 / 31
الْعَصْر
الْعَصْر
الْعَصْر
الْعَصْر
الأشجع
الْأَبَد
الْمنون
الْقرن
الهدملة
السنبة
السنب
1 / 32