جهتگیری سیاسی مصر در دوران محمد علی: بنیانگذار مصر مدرن
الاتجاه السياسي لمصر في عهد محمد علي: مؤسس مصر الحديثة
ژانرها
وبعد أيام قلائل احتشد لفيف من الجنود الألبانيين والعثمانيين أمام داره في المدينة وصوبوا النار فعلا إلى النوافذ، وسرعان ما تحرجت الحالة في المدينة فلم يجد مندوحة من مغادرتها للعودة إلى القلعة.
45
وأصبح باديا للعيان أن زيادة الإيرادات عن النفقات نقصها مهما كانت الطريقة التي تتم بها هذه المعجزة؛ هي أول شرط أساسي في سبيل تحسن موقف محمد علي. وكانت التجارة إحدى الموارد المالية التي فكر فيها على أن هذه الفكرة لم تكن جديدة. ولقد أساء الكتاب الذين أشاروا إلى مركز شركة الهند الشرقية فهم الحقيقة، عندما زعموا أنها محتقرة في أعين الشرقيين لا لسبب إلا لأنها تتاجر، ولكن التاجر العادي إذا شعر باحتقار فليس مرجعه اشتغاله بالتجارة، بل لأنه بلا حماية، لا بل كنت ترى في كافة أنحاء الشرق من الآستانة إلى الصين وبانجوك عددا من عظماء النبلاء وحكام الأقاليم وأبناء ملوك حاكمين وأمهاتهم بل الأمبراطرة أنفسهم كل هؤلاء كان لهم اهتمام مباشر بالتجارة، ولهذا فقد كانت طبيعية ومفهومة ولا محل للتشكك فيها تلك الخطوة التي خطاها محمد علي، وهو الذي احترف قديما تجارة التبغ قبل أن تحدثه نفسه بالانغماس في هذه الجريمة العظمى التي يسمونها في الشرف بالسياسة.
46
ولقد خدمه الحظ في هذه المسألة؛ فإن الإنجليز كانوا الأمة الوحيدة التي يستطيع محمد علي أن يتاجر معها؛ لأن الراية الفرنسية في السنوات الأخيرة من حروب نابليون كانت قد اختفت فعلا من بحار الشرق. ولقد قيل بمناسبة وصول إحدى البواخر الفرنسية إلى الثغر الإسكندري سنة 1808م أنها الأولى من نوعها منذ خمسة أعوام ونصف عام،
47
وقد دخلت هناك سفينة في سنة 1811م فكانت الأولى من عام ونصف عام،
48
ولم يكن يمكن تأمين السفن الفرنسية في مارسيليا إلا بعد دفع 50٪ من القيمة المؤمن عليها فورا. ثم إن الإسكندرية لم تكن يصلها من الصحف إلا صحيفة «مالطة غازيت»، وكانت تنصح - كما قال دورفيشي - بمختلف أنواع القذف ضد الحكومة الفرنسية،
49
صفحه نامشخص