مؤلفات محمد بن عبد الوهاب
مؤلفات محمد بن عبد الوهاب في العقيدة
ویرایشگر
عبد العزيز زيد الرومي , د. محمد بلتاجي , د. سيد حجاب
ناشر
جامعة الإمام محمد بن سعود
محل انتشار
الرياض
فإن لم تتبع هؤلاء فانظر كلام الأئمة قبلهم كالحافظ البيهقي في كتاب المدخل والحافظ ابن عبد البر والخطابي وأمثالهم ومن قبلهم كالشافعي وابن جرير وابن قتيبة وأبي عبيد فهؤلاء إليهم المرجع في كلام الله وكلام رسوله وكلام السلف وإياك وتفاسير المحرفين للكلم عن مواضع وشروحهم فإنها قاطعة عن الله وعن دينه وتأمل ما في كتاب الاعتصام للبخاري وما قال أهل العلم في شرحه وهل يتصور شيء أصرح مما صح عنه صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على أكثر من سبعين فرقة أخبر أنهم كلهم في النار إلا واجدة ثم وصف تلك الواحدة أنها التي على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأنتم مقرون أنكم على غير طريقتهم وتقولون ما نقدر عليها ولا يقدر عليها إلا المجتهد فجزمتم أنه لا ينتفع بكلام الله وكلام رسوله إلا المجتهد وتقولون يحرم علي عيره طلب الهدى من كلام الله وكلام رسوله وكلام أصحابه فجزمتم وشهدتم أنكم علي غير طريقتهم معترفينب العجز عن ذلك وإذا كنتم مقرين أن الواجب على الأولين اتباع كتاب الله وسنة رسوله لا يجوز العدول عن ذلك وأن هذه الكتب والتي خير منها لو تحدث في زمن عمر بن الخطاب لفعل بها وبأهلها أشد الفعل ولو تحدث في زمن الشافعي وأحمد لاشتد لكبرهم لذلك فليت شعري متى حرم الله هذا الواجب وأوجب هذا المحرم ولما حديث قليل من هذا لا يشبه ما أنتم عليه في زمن الإمام اشتد إنكاره لذلك ولما بلغه بعض أصحابه أنه يروى عنه مسائل بخراسان قال أشهدكم أني قد رجعت عن ذلك ولما رأى بعضهم يكبت كلامه أنكر عليه وقال تكتب رأيا لعلي أرجع عنه غدا أطلب العلم مثلما طلبناه ولما سئل عن كتاب أبي ثور قال كل كتاب ابتدع فهو بدعة ومعلوم أن أبا ثور من كبار أهل العلم وكان أحمد ثيني عليه وكان ينهي الناس عن النظر في كتب أهل العلم الذين يثني عليهم ويعظمهم ولما أخذ بعض أئمة الحديث كتب أبي حنيفة هجره أحمد وكتب رليه إن تركت كتب أبي حنيفة أتيناك تسمعنا كتب اب المبارك ولما ذكر له بعض أصحابه أن هذه الكتب فيها فائدة بأن لا يعرف الكتاب والسنة قال إن عرفت الحديث لم تحتج إليها وإن لم تعرفه لم يحل لك النظر فيها وقال عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان والله يقول @QB@ فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم @QE@ قال أمير المؤمنين فإذا كان هذا كلام أحمد في كتب نتمنى الآن أن نراها فكيف بكتب قد أقر أهلها على أنفسهم أنهم ليسوا من أهل العلم وشهد عليهم بذلك ولعل بعضهم مات وهو لا يعرف ما دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وشبهتكم التي ألقيت في قلوبكم أنكم لا تقدرون على فهم كلام الله ورسوله والسلف الصالح وقد قدمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة إلي آخره فتأمل هذه الشبهة أعني قولكم لا نقدر على ذلك وتأمل ما حكى الله عن اليهود في قوله @QB@ وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم @QE@ وقوله @QB@ ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون @QE@ وقوله @QB@ إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون @QE@ وقوله @QB@ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر @QE@ واطلب تفاسير هذه الآيات من كتب أهل العلم واعرف من نزلت فيه واعرف الأقوال والأفعال التي انت سببا لنزول هذه الآيات ثم اعرضها على قولهم لا تقدر على فهم القرآن والسنة تجد مصداق قوله لتتبعن سنن من كان قبلكم وما في معناه من الأحاديث الكثيرة فلتكن قصة إسلام سلمان الفارسي منكم على بال ففيها أنه لم يكن على دين الرسل إلا الواحد بعد الواحد حتى إن آخرهم قال عند موته لا أعلم على وجه الأرض أحدا على ما نحن فيه ولكن قد أظل زماننا نبي واذكر مع هذا قول الله تعالى @QB@ فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم @QE@ فحقيق لمن نصح نفسه وخاف عذاب الآخرة أن يتأمل ما وصف الله به اليهود في كتابه خصوصا ما وصف به علماءهم ورهبانهم من كتمان الحق وليس الحق بالباطل والصد عن سبيل الله وما وصفهم الله أي علماءهم من الشرك والإيمان بالجبت والطاغوت وقولهم للذين كفروا @QB@ هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا @QE@ لأنه عرف أن كل ما فعلوا لا بد أن تفعله هذه الأمة وقد فعلت وإن صعب عليك مخالفة الكبر ولم يقبل ذهنك هذا الكلام فاحضر بقلبك أن كتاب الله أحسن الكتب وأعظمها بيانا وأشفى لداء الجهل وأعظمها فرقا بين الحق والباطل والله سبحانه قد عرف تفرق عباده واختلافهم قبل أن يخلقهم وقد ذكر في كتابه @QB@ وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة @QE@ وأحضر قلبك هذه الأصول وما يشابهها في ذهنك واعرضها على قلبك فإنه إن شاء الله يؤمن بها علي سبيل الإجمال فتأمل قوله @QB@ وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا @QE@ وتكرير هذا الأصل في مواضع كثيرة وكذلك قوله @QB@ أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان @QE@ فكل خجة تحتجون بها تجدها مبسوطة في القرآن وبعضها في مواضع كثيرة فاحضر بقلبك أن الحكيم الذي أنزل كتابه شفاء من الجهل فارقا من الحق والباطل لا يليق منه أن يقرر هذه الحجج ويكررها مع عدم حاجة المسلمني إليها ويترك الحجج التي يحتاجون إليها ويعلم أن عباده يفترقون حاشا أحكم الحاكمين من ذلك ومما يهون عليك مخالفة من خالف الحق وإن كان من أعلم الناس وأذكرهم وأعظمهم جهلا ولو اتبعه أكثر الناس ما وقع في هذه الأمة من اقتراقهم في أصول الدين وصفات الله تعالى وغالب من يدعي المعرفة وما عليه المتكلمون وتسميتهم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حشوا وتشبيها وتجميعا مع أنك إذا طالعت في كتاب من كتب الكلام مع كونه يزعم أن هذا واجب على كل أحد وهو أصل الدين تجد الكتاب من أوله إلى آخره لا يستدل على مسألة منه بآية من كتاب الله ولا حديث عن رسول الله اللهم إلا أن يذكره ليحرفه عن مواضعه وهم معترفون أنهم لم يأخذوا أصولهم من الوحي بل من عقولهم ومعترفون أنهم مخالفون للسلف في ذلك مثل ما ذكر في فتح الباري في مسألة الإيمان على قول البخاري وهو قول وعمل ويزيد وينقص فذكر إجماع السلف على ذلك وذكر عن الشافعي أنه نقل الإجماع على ذلك وكذلك ذكر أن البخاري نقله ثم بعذ ذلك حكى كلام المتأخرين ولم يرده فإن نظرت في كتاب التوحيد في آخر الصحيح فتأمل تلك التراجم وقرأت في كتب أهل العلم من السلف ومن أتباعهم من الخلف ونقلهم الإجماع على وجوب الإيمان بصفات الله تعالى وتلقيها بالقبول وأن من جحد شيئا منها أو تأول شيئا من النصوص فقد افترى على الله وخالف إجماع أهل العلم ونقلهم الإجماع أن علم الكلام بدعة وضلالة حتى قال أبو عمر ابن عبد البر أجمع أهل العلم في جميع الأعصار والأمصار أن أهل الكلام أهل بدع ضلالات لا يعدون عند الجميع من طبقات العلماء والكلام في هذا يطول والحاصل أنهم عمدوا إلى شيء أجمع المسلمون كلهم بل وأجمع عليه أجهل الخلق بالله عبدة الأوثان الذين بعث بهم الببي صلى الله عليه وسلم فابتدع هؤلاء كلاما من عند أنفسهم كابروا به العقول أيضا حتى إنكم لا تقدرون أن تغيروا عوامكم عن فطرتهم التي فطرهم الله عليها ثم مع هذا كله تابعهم جمهور من يتكلم في علم هذا الأمر إلا من سبقت لهم من الله الحسنى وهم كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود يبغضونهم الناس ويرمونهم بالتجسيم هذا وأهل الكلام وأتباعهم من أحذق الناس وأفطنهم حتى إن لهم من الذكاء والحفظ والفهم ما يحير اللبيب وهم وأتباعهم مقرون أنهم مخالفون للسلف حتى إن أئمة المتكلمين لما ردوا على الفلاسفة في تأويلهم في آيات الأمر والنهي مثل قولهم المراد بالصيام كتمان أسرارنا والمردا بالحج زيارة مشايخنا والمراد بجبريل العقل الفعال وغير ذلك من إفكهم رد عليهم الجواب بزن هذا التفسير خلاف المعروف بالضرورة من دين الإسلام فقال لهم الفلاسفة أنتم جحدتم علو الله علي خلقه واستواءه على عرشه مع أنه مذكور في الكتب على ألسنة الرسل وقد أجمع عليه المسلمون كلهم وغيرهم من أهل الملل فكيف يكون تأوينا تحريفا وتأويلكم صحيحا فلم يقدر أحد من المتكلمين أن يجيب عن هذا الإيراد والمراد أن مذهبهم مع كونه فاسدا في نفسه مخالفا للعقول وهو أيضا مخالف لدين الإسلام الكتاب والرسول وللسلف كلهم ويذكرون في كتبهم أنهم مخالفون للسلف ثم مع هذا راجت بدعتهم على العالم والجاهل حتى طبقت مشارق الأرض ومغاربها وأنا أدعوك إلي التفكر في هذه المسألة وذلك أن السلف قد كثر كلامهم وتصانيفهم في أصول الدين وإبطال كلام المتكلمين وتفكيرهم وممن ذكر هذا من متأخري الشافعية البيهقي والبغوي وإسماعيل التيمي ومن بعدهم كالحافظ الذهبي وأما مقتقدموهم كابن سريج والدارقطني وغيرهما فكلهم على هذا الأمر ففتش في كتب هؤلاء فإن أتبتني بكلمة واحدة أن منهم رجلا واحدا لم ينكر على المتكلمين ولم يكفرهم فلا تقبل مني شيئا أبدا ومع هذا كله وظهوره غاية الظهور راج عليكم حتى ادعيتم أن أهل السنة هم المتكلمون والله المستعان ومن العجب أنه يوجب في بلدكم من يفتي الرجل بقول إمام والثاني بقول آخر والثالث بخلاف القولين وبعد فضيلة وعلما وذكاء ويقال هذا يفتي في مذهبين أو أكثر ومعلوم عند الناس أن مراده في هذا العلو والرياء وأكل أموال الناس بالباطل فإذا خالفت قول عالم لمن هو أعلم منه أو مثله إذا كان معه الدليل ولم ات بشيء من عند نفسي تكلمتم بهذا الكلام الشديد فإن سمعتم أني أفتيت بشيء خرجت فيه من إجماع أهل العلم نوجه على القول وقد بلغني أنكم في هذا الأمر قمتم وقعدتم فإن كنتم تزعمون أن هذا إنكار للمنكر فياليت قيامكم كان في عظائم في بلدكم تضاد أصل الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله منها وهو أعظمهها عبادة الأصنام عندكم من بشر وحجر هذا يذبح له وهذا ينذر له وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله فإن كنتم تزعمون أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن فهذا من العجب فإني لا أعلم أحدا من أهل العلم يختلف في ذلك الفهم إلا أن يكون أحد وقع فيما وقع فيه اليهود من إيمانهم بالخبث والطاغوت وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك فإن لم تقدروا على الكل قدرتم على البعض كيف وبعض الذين أنكروا علي هذا الأمر وادعوا أنهم من أهل العلم ملتبسون بالشرك الأكبر ويدعون إليه ولو يسمعون إنسانا يجرد التوحيد ألزموه بالكفر والفسوق ولكن نعوذ بالله من رضاء الناس بسخط الله ومنها ما يفعله كثير من أتباع إبليس وأتباع المنجمين والسحرة والكهان ممن ينتسب إلى الفقر وكثير ممن ينتسب إلى العلم من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس ويشبهونها بمعجزات الأنبياء وكرامات الأولباء ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل والصد عن سبيل الله حتى إن بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم أنه من العلم الموروث عن الأنبياء من علم الأسماء وهو من الجبت والطافوت ولكنن هذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم ومنها هذه الحيلة الربوية التي مثل حيلة أصحاب السبت أو أشد وأنا أدعو من خالفني إلى أخد أربع إما إلي كتاب الله وإما إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما إلي إجماع أهل العلم فإن عاند دعوته إلى المباهلة كما دعا إليها ابن عباس في بعض مسائل الفرائض وكما دعا إليها سفيان والأوزاعي في مسألة رفع اليدين وغيرهما من أهل العلم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله وسلم
يا من تعسر عليهم أرواحهم
ويرون غبنا بيعها بهوان
ويرون أن أمامهم يوم اللقا
لله مسألتان شاملتان
ماذا عبدتم ثم ماذا قد أجبتم
من أتى بالحق والبرهان
هينوا جوابا للسؤال وهينوا
أيضا صوابا للجواب يدان
وتيقنوا أن ليس بنجيكم سوى
تجريدكم لحقائق الإيمان
@ 268
تجريدكم توحيده سبحانه
عن شركة الشيطان والأوثان
$ وكذاك تجريد اتباع رسوله
عن هذه الآراء والهذيان
فالوحي كاف للذي يعنى به
شاف لداء جهالة الإنسان
هذا آخر ما ذكره الشيخ رحمه الله في هذه الرسالة النافعة
صفحه ۲۶۷