وهذه القصة هي «الأمير المقضي عليه بالهلاك» التي سأرويها لك، تمثل بعض أدوارها في ناهارينا، والبعض الآخر في مصر، وهي - كما سترى - تمت بأسباب كبيرة إلى قصصنا الخرافية الحديثة.
يحكى أنه كان بمصر ملك لم يلد وارثا لعرشه، وقد أورثه ذلك حزنا دائما، وكان كثيرا ما يصلي للآلهة ويضرع إليها أن تهبه طفلا؛ فأصغت الآلهة إلى تضرعاته ووهبته طفلا. ولما جاءت «جداته» ليكشفن الستار عن مستقبله، قلن: «سيكون موته على يد تمساح أو ثعبان أو كلب.» ولما سمع الملك ذلك زال عنه السرور، وعاد إلى الحزن والألم، وبعد تفكير طويل عزم على حفظ الطفل في مكان حريز حيث لا يمكن أن يصل إليه ضرر أو سوء، وبنى له قصرا بعيدا في الصحراء، وأثثه بأفخم الأثاث، وأرسل إليه الطفل تحت رعاية خدم أمناء يحرسونه ويسهرون على راحته. وهكذا نما الطفل وكبر في هذا القصر، بعيدا عن العالم وما فيه.
ولكن في ذات يوم وكان الطفل واقفا على سطح القصر رأى رجلا يسير في الصحراء يتبعه كلب، فقال للخادم الذي معه: «ما هذا الذي يتبع الرجل؟» - «إنه كلب.» - «أحضر لي واحدا مثله.»
ثم إن الخادم ذهب إلى الملك وأعلمه بالخبر، فقال الملك: «ابحث له عن جرو (كلب صغير) وخذه إليه حتى لا يحزن.»
ونفذ الخادم أمر الملك، واشترى للأمير كلبا صغيرا.
وشب الأمير وترعرع، وشعر بالملل والضجر من وجوده وحيدا في القصر، ولما نفد صبره أرسل لأبيه رسالة جاء فيها: «ولماذا تحبسني هنا دائما؟ إن كان الموت مقدرا لي على يد أحد الحيوانات الثلاثة، فدعني أنال في الدنيا ما أشتهي، وليقض الرب ما يريد.»
واقتنع الملك برأي الأمير، فأعطوا للأمير سلاحا، وذهبوا معه إلى الحدود الشرقية، وقالوا له: «اذهب حيث تشاء.» فسار صوب الشمال وكلبه يتبعه، حتى وصل إلى ناهارينا.
وكان لحاكم هذه البلاد بنت واحدة بنى لها قصرا عجيبا، شيده على قمة صخرة شاهقة يزيد ارتفاعها على مائة قدم، وكان بالقصر سبع نوافذ.
وقد جمع الحاكم أبناء حكام البلد الصغار، وقال لهم: «ستكون ابنتي زوجة من يستطيع منكم تسلق الصخرة والدخول من إحدى النوافذ.»
وقد عسكر الأمراء حول الصخرة المشيد عليها القصر، ثم أخذوا يحاولون تسلق الصخرة كل يوم، ولكن واحدا منهم لم يستطع الوصول إلى النافذة؛ لأن الصخرة كانت مرتفعة وعظيمة الانحدار.
صفحه نامشخص