وهنا - للأسف - تنتهي القصة، ولم نعرف هل حاول خوفو قتل الأطفال أم لا؛ فإن أوراق البردي مفقودة، لا يعلم أحد عنها شيئا.
ولكنا نعلم أن الملوك الثلاثة الذين خلفوا أسرة خوفو في حكم مصر، كانوا يحملون أسماء كأسماء أولاد كاهن رع.
هذه هي أقدم الأساطير في العالم، وقد لا تكون جميلة جذابة بحيث تستثير إعجابك، ولكن يلزم أن تعلم أن لكل شيء بداية، وأن الذين كتبوا هذه القصص لم يكونوا مدربين في فن القصص كما نحن الآن.
الفصل الثامن
بعض الأساطير
أما هذه القصة التي سأرويها الآن، فقد كتبت في زمن أحدث بمئات السنين من القصص التي رويتها في الفصل السابق. وأستطيع أن أقول إن الأطفال المصريين القدماء كانوا ينظرون إليها كما ينظر الأطفال الآن إلى قصة السندباد البحري، وإنهم كانوا يشعرون بلذة في أثناء تلاوتها تعادل ما يشعر به أطفالنا الآن في أثناء قراءة السندباد البحري.
وهي تدعى «قصة ملاح السفينة المكسورة»، والملاح نفسه هو الذي يقصها لنبيل مصري؛ حدث الملاح، قال:
أبحرت سفينتي على قصد التجوال حول ملك فرعون العظيم، وكانت سفينتنا من أعظم السفن؛ لا يقل طولها عن 225 قدما وعرضها عن 60 قدما، وكان عدد ملاحيها 150 رجلا من صفوة ملاحي القطر؛ شداد القلوب كالأسود، وكنا جميعا سعداء، يصور لنا الأمل رحلة جميلة وعودا هنيئا. ولكن عند اقترابنا من أحد الشواطئ هبت عاصفة عظيمة أثارت الأمواج ثورانا عظيما، حتى ارتفعت كالجبال العالية، فغرقت سفينتنا الجميلة وغمرتها المياه، وذهب كل مجهود بذلناه لإنقاذها سدى.
وكان من حسن حظي أن تعلقت بقطعة خشب كبيرة، حملتها المياه وأنا عليها ثلاثة أيام طوال، حتي رست بي على شاطئ جزيرة، وكنت إذ ذاك وحيدا؛ فقد غرق كل من كان معي على ظهر الباخرة، فرقدت تحت غصون بعض الأشجار وقد أنهكت قواي.
ومكثت على هذه الحالة مدة لم أعرف قدرها، حتى استرددت بعض نشاطي، فقمت باحثا عن طعام، ولم أبذل جهدا في ذلك؛ لأن الجزيرة كانت غنية بالفواكه، كالتين والأعناب وكافة الحبوب وأنواع الطيور، فأكلت حتى شبعت، وأوقدت نارا، ثم قدمت تضحية للآلهة؛ معبرا عن الشكر والحمد لتفضلها علي بالحياة والنجاة بعد الموت المحقق.
صفحه نامشخص