فأجابت الفتاة: «ذلك لأن تاجي الفيروزي سقط في الماء.» فقال الملك: «استمري في الغناء، وسأعطيك واحدا غيره.» - «أريد تاجي القديم، ولا أرغب في امتلاك سواه.»
فدعا الملك الساحر، وقال له: «لقد سر قلبي لاتباعي مشورتك، ولكن سقط تاج هذه الفتاة في الماء، ودعاها ذلك للسكوت، مما جعل جميع فتيات صفها يتوقفن عن التجديف، وهي ترغب في استعادة التاج المفقود.»
وهنا وقف الساحر في القارب، وفاه بكلمات غريبة غامضة.
وعلى أثر ذلك ارتفعت المياه الموجودة في نصف البحيرة، وتجمعت على سطح مياه النصف الآخر، حتى ارتفعت بذلك المياه إلى علو عظيم، ووقفت سفينة الملك على سطح المياه العالية، وظهر قعر البحيرة في النصف الآخر منها وما فيه من الأصداف المتلألئة تحت أشعة الشمس، ورؤي التاج الصغير على صدفة مكسورة، فقفز الساحر وأتى به، ورجع إلى السفينة، ثم فاه مرة أخرى بكلمات غريبة، فرجعت البحيرة إلى ما كانت عليه أولا.
أمضى الملك يوما سعيدا، ووهب للساحر مالا وهدايا.
ولما أتم ابن الملك قصته سر بها الملك، ولهج لسانه بمدح القدماء والثناء على أعمالهم.
ثم قام ابن آخر له هو الأمير «هورداديف» وقال: «أيها الملك، هذه قصة من قصص الأيام الغابرة، ولا يستطيع أحد أن يجزم بصحة خبرها أو كذبه، أما أنا فسوف أقدم بين يديك ساحرا يعيش في زماننا هذا.» - «من هذا الساحر يا هورداديف؟» - «اسمه ديدي، وعمره مائة وعشرة أعوام، وطعامه اليومي خمسمائة رغيف، وشرابه مائة إبريق من الجعة، وهو - بفنونه السحرية - يستطيع أن يثبت رأسا فصل عن جسمه، وله القدرة على أن يخضع أسد الصحراء له ويجعله يتبعه ذليلا مستكينا، ويعرف سر منزل الرب الذي طالما تشوقت لمعرفته.»
وفي الحال أمر الملك ابنه بإحضار الساحر، وصدع الأمير للأمر، وأتى به في القارب الملكي.
وخرج الملك إلى فناء القصر، ومثل ديدي بين يديه، فسأله الملك : «لم لم أرك من قبل يا ديدي؟» وأجابه الساحر: «وهبك الرب الحياة والصحة والقوة أيها الملك؛ إن المرء لا يحظى بالمثول بين يديك إلا إذا دعوته!» - «هل صحيح أنك تستطيع أن تثبت رأسا فصل عن جسده؟» - «هذا صحيح يا مولاي.»
فقال الملك: «أحضروا سجينا، واقطعوا رأسه، وسنري كيف تثبته في جسمه.» - «أطال الرب عمرك أيها الملك؛ الأوفق أن نقطع رأس حيوان أو طير على أن نفصل رأس إنسان.»
صفحه نامشخص