مصر من ناصر إلى حرب
مصر من ناصر إلى حرب
ژانرها
لو أن كيسينجر أبلغ المصريين بعد نشوب العمليات العسكرية أن عليهم أن ينتظروا هجوما إسرائيليا مضادا ومكثفا، لكان ذلك معناه أن الأمريكيين كانوا على ثقة من انتصار إسرائيل، لكنهم أعلنوا أنهم لن يسمحوا باحتلال إسرائيل لأراض جديدة، فما الذي يعنيه ذلك؟ لو أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على يقين من أن مصر تتخذ موقفا معاديا للأمريكيين، مهما كان شكل هذا الموقف ولو ظاهريا، فهل كان باستطاعة الأمريكيين أن يخرجوا بهذا التصريح، في الوقت الذي كانت «صديقتها وحليفتها» أو، إن شئنا الدقة، صنيعتها إسرائيل، تعاني من الهزيمة (حتي حينه)؟! إن تصريح كيسينجر يمكن أن يكون تأكيدا على أنه كانت هناك «قواعد للعبة» مخطط لها سلفا في هذه الحرب، لا يسمح للمشاركين فيها - مصر وإسرائيل - بتخطيها. كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي قائد الأوركسترا، وهي المخرج لهذه اللعبة المخططة، ومن هنا كانت شرعية هذا التصريح العجيب الذي قاله كيسينجر للمصريين من أن إسرائيل سوف تنزل بمصر ضربة بقوة محسوبة مسبقا؛ أي إن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لإسرائيل باحتلال أراض جديدة.
ص43:
عبارة كيسينجر التي وجهها للمصريين: «آمل ألا تتصرفوا على هذا النحو حتى لا تخرج الأمور من أيديكم.» قيلت بعد بدء العمليات العسكرية، ولو أنها قيلت قبلها لكانت تحمل ربما معنى آخر. وكونها قيلت بعد أن اندفع آلاف الجنود المصريين ومعهم أسلحتهم ودباباتهم إلى الضفة الشرقية لا يعني سوى التذكير بالقواعد التي وضعت سلفا ودعوتهم إلى الالتزام بها. باختصار فقد طلب كيسينجر السيطرة على العمليات العسكرية. إن هذه العبارة التي أوردها هيكل في كتابه تؤكد أفضل من أي شيء آخر تداول فكرة الاتفاق الذي عقد سلفا بين الجانبين المتحاربين والولايات المتحدة الأمريكية كحقيقة في حد ذاتها، فضلا عن أنها تؤكد على طابع العمليات العسكرية التي جرت في أكتوبر 1973م.
ص43:
يطرح هيكل هنا سؤالا منطقيا: كيف حدث على أية حال أن الإسرائيليين فوجئوا تماما سواء من الناحية الاستراتيجية أو التكتيكية؟ على أنه يعطينا إجابة ساذجة: إن الإسرائيليين، على حد قوله ، أساءوا فهم مسيرة التاريخ. إجابة سطحية، لا تليق به، أم تراه، ربما لم يشأ أن يذكر الإجابة الصحيحة؟
ص44:
غير صحيح ما أكده هيكل أن الإسرائيليين كانوا مستعدين لإغراق قناة السويس .. بالنابالم! لقد سرت شائعات حول إمكانية صب مازوت أو وقود الديزل أو أي نوع آخر من المشتقات البترولية، التي يمكنها أن تشعل القناة. على أنه قد تبين أن هذه المعلومات غير مؤكدة.
الفصل الثاني «الأيام الأخيرة لناصر»
ص48:
قام هيكل بتشويه طابع المباحثات التي دارت مع ناصر على نحو فظ؛ فالاتحاد السوفييتي لم يطلب مطلقا أية تسهيلات في مصر، بما فيها الأراضي. أما ما ورد بشأن طلب السوفييت رفع «الراية الحمراء»، فمن الواضح تماما أنه قيل من قبيل الاستظراف.
صفحه نامشخص