355

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

ژانرها

ثانيا:

لاختلاف العقلية بينها وبين حاكميها.

ثالثا:

رغبة منها في الاستقلال، وما فتئت روسيا تساعد كل حركة وثورة فيها، تارة في السر وبدسائس خفية، وطورا جهارا وبحرب عوان.

فلما كانت سنة 1875، دفعت بالصرب والجبل الأسود إلى مقاتلة دولة بني عثمان لأسباب لا محل لذكرها هنا، وكانت الدولة العثمانية قد رأت من انصياع مصر لمساعدتها في العسير وكريت مسوغا لمطالبتها بأولادها، ليقوموا في ميادين القتال مقام بعض أولاد تركيا أنفسهم، ويضحوا بأموالهم وأعمارهم في سبيل خدمتها، فبعثت إلى (إسماعيل) تطلب منه المساعدة والإنجاد.

ولكن (إسماعيل) كان منشغلا في تجهيز الحملة إلى الحبشة للأخذ بثأر أرندروپ ورجاله، وغسل عار الكسرة التي أصيب بها، فاتخذ من ذلك مسوغا ومبررا للاعتذار عن إجابة طلب الباب العالي - ولم يكن يميل في صميمه إلى إجابته، لا سيما وأنه لم يعد له لبانة لديه، وكان قد سحب جنوده من كريت عقب أن هدأت الثورة فيها، على أن أعداءه والراغبين في تعكير ماء الصداقة بينه وبين تركيا أخذوا يذيعون أنه إنما يدير حملته على الحبشة، ليتذرع بها إلى التنصل من تلبية طلب السلطان.

ولكن روسيا ما فتئت أن خاضت بنفسها غمار الحرب مع تركيا، بعد إخلاد الصرب والجبل الأسود إلى المسالمة والسكينة، وتدفقت جنودها إلى الحدود، وتعدتها في سنة 1877، وكانت ثورتان تركيتان متتابعتان قد ثلتا عرش (عبد العزيز)، فعرش (مراد الخامس) ابن أخيه، وخليفته، وأجلستا مكانهما (عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد).

فبعث هذا من فوره إلى (إسماعيل) يطلب منه إرسال القوة المصرية التي تقتضيها نصوص الفرمانات إلى محاربة العدو الوراثي بجانب الجنود العثمانية، ولكن تلك الأيام كانت بدء الأعاصير المالية على القطر، فاعتذر الخديو عن تلبية الطلب بعجزه عن القيام بمصاريف تعبئة الحملة، وإقامتها بميادين القتال، ودخولها الفعلي في المعمعان، فأبى الباب العالي قبول عذره، وتشدد في طلبه.

فعرض (إسماعيل) إرسال الجنود، على أن تتولى الدولة العثمانية أمر الإنفاق عليهم في التعبئة والسفر والإقامة، فرفض الباب العالي ذلك أيضا، وأمر الخديو أمرا صريحا بتعبئة فيلق مؤلف من اثني عشر ألف جندي، تامي المعدات وآلات الحرب، وإرساله حالا على نفقة الخزينة المصرية إلى ميدان القتال. وهدده إن لم يصدع بالأمر بدون أقل تأخير بإرسال مدرعات عثمانية تحت قيادة هوبرت باشا إلى المياه المصرية، لإجباره على الطاعة.

4

صفحه نامشخص