مصر در قیصریه اسکندر
مصر في قيصرية الإسكندر المقدوني
ژانرها
في «إسوس». وأضحى من المحتوم أن يبسط «الإسكندر » سلطانه على مصر، وربما تطلع إلى امتلاك «قورينة»
8 (5) أيضا؛ ليمعن نحو الغرب، قبل أن يتوغل في فجاج الشرق وممالكه؛ ذلك بأن أعداءه كانوا لا يزالون أقوياء في البحر، وليس له أسطول حربي يستطيع به مناجزتهم. فلم يكن له من خطة رشيد، تؤمن قاعدته الحربية، إلا أن يملك كل الثغور الحافة من حول بحر الروم، فيذر الأساطيل المعادية هائمة ضالة، لا تجد ملجأ للترميم أو التمون. ومذ ذاك، بدأ جيش اليونان، وبالأحرى الإغريق كما كان يدعوهم المصريون (6) يجوس خلال أرض الفراعنة القديمة.
ولم يكن الجند الإغريقي من المرائي الجديدة على المصريين؛ ففي عهد «هيرودوتس»
9 (7)، أي قبل العهد الذي نتكلم فيه بقرن كامل، كان المصريون ينظرون إلى الأغارقة نظرة احتقار، على أنهم أجانب أنجاس، ولكن حدث في مدى تلك الفترة، أن دارت المواقع الوطنية مع الفرس، فناصر ملوك مصر الوطنيين، قوات حربية أرسلت بها الدويلات الإغريقية؛ وحارب المصريون والإغريق متحدين، عدوهم المشترك.
وقبل أن يهبط الإسكندر مصر بعشر سنين، كان الفرس قد طردوا آخر ملوك الفراعنة، واسمه عند اليونان «نقطانيبو»
10 (8)، ووطدوا حكمهم على ضفاف النيل، فلما وفد جيش «الإسكندر»، متوجا بانتصاراته العجيبة، خيل إلى المصريين أن الإغريق - كما عهدوهم - الأصدقاء الأقوياء المنقذون، وكانت الحرب مع الفرس تدور سجالا، والمصريون واليونان لا يزالون الأحلاف الطبيعيين، ولم يدر بخلد المصريين إذ ذاك أن اليونانيين قد هبطوا مصر هذه المرة غزاة لا أحلافا، في حين أنهم ما يمموا شطر مصر إلا ليخضعوها ويحكموها حكما أحزم من حكم الفرس، وأطول مدى.
ولقد استطاع المصريون، عقيب كل غزو دهمتهم به أمة أجنبية «كالهكسوس»
11
وغيرهم (9)، أن يستردوا حريتهم المرة بعد المرة، وأن يقيموا على عرش بلادهم أسرا من الفراعنة، تحيي تقاليد الحكم والثقافة واللغة؛ تلك التقاليد التي نشأت وربت في مدى عصور لا تعيها الذكريات. ولكن هذه الغزوة، كانت آخر عهد ملوك الفراعنة، الذين تجري في عروقهم الدماء الوطنية بالحكم على ضفاف النيل، وإلى آخر الدهور؛ فمنذ فتح الإسكندر، خضعت مصر ألف سنة لحكام هليني الحضارة
12 (10)، من مقدونيين ورومان ؛ وفي نهايتها صارت مصر جزءا من جسم الإسلام، فبدلت تبديلا، وأصبحت لها لغة أخرى، ونظام اجتماعي لا عهد لها به، ودين جديد، ونبذ الآلهة الذين عبدوا في مصر على أنهم آلهتها الخواص الآلاف من السنين نبذا أبديا، ثم دفنوا في ثراها.
صفحه نامشخص