وكما يتغزل الشعراء في جمال البدر منذ أقدم العصور، فإن الشعراء لم ينسوا «مصر»، بل اختصوها بأروع الأشعار وأقوى القصائد .. وقالوا عنها أحلى كلام .. ووصفوها بأرقى المعاني وأجل الصفات وأسماها وأرفعها.
كلنا في وصف القمر شعراء، ولكننا في وصف مصر نخرج عن دائرة الشعراء إلى دائرة البلغاء العلماء العاشقين المدلهين الأوفياء .. إلى دائرة الأقوياء الأجلاء الأشداء الشهداء.
وكفى «مصر» فخرا أن بدرها لا يغيب عنها أبدا .. فسماء مصر مرتعه الفسيح .. يجري فيها ما طاب له أن يجري، ويسبح خلالها ما طاب له أن يسبح .. ويلهو فيها ما طاب له أن يلهو .. وبدر مصر أحلى بدر وأكمل بدر وألمع بدر وأقمر بدر تتميز به مصر ويحق لها أن تفخر به وتزهو.
بدر مصر هو بدر البدور، في فلكه يلف ويدور .. وفي قلبها يزأر ويجور .. وفي دمائها يثور ويفور .. أما في ذكرها فموجود في الكفور والقصور .. ومع كل خطوة أو عبور، وفي كل فرح وسرور وانشراح وحبور.
فيا بدر البدور، يا أصفى من البلور .. يا مصر الشعور .. يا مصر العبور .. يا أم الكفور، ونبع السرور .. يا فيض الحبور .. يا قلب النمور والليث الهصور .. يا عدوة الشرور، وللغزاة مقبرة، بل قبور .. يا حلوة بنور .. يا مصر يا بدر البدور .. قلبي لك يلف ويدور ويدور.
مصر النور والأمل
من يعشق مصر ير فيها نور عينيه ونور أصغريه .. ومن ير النور تمتلئ حياته بالأمل ...
مصر قبس العروبة ونور المشرقين، وهادية الأمم وقبلة العالم، ومحط أنظار الدنيا والعالمين ...
فمن مصر خرجت الحكمة .. والحكمة نور قوي، ونور فكري .. نور عقلي مصدره العقل الحكيم والفكر السديد والإدراك السليم.
من مصر خرجت العبادات والأديان .. فمنها خرج أول من وحد الأديان وآمن بالإله الواحد قبل ظهور الرسل والأنبياء وقبل انطلاق الرسالات السماوية، تعلن قوة الرحمن والواحد القهار.
صفحه نامشخص