هو محمود الأول، ولد سنة 1108ه، فكانت سنه لما تولى العرش العثماني 35 سنة، وكان النفوذ عند توليه لرئيس الإنكشارية حتى نقم عليه الإنكشارية أنفسهم، فقتلوه وعادت السكينة وأمن الناس.
وفي أيامه ظهر «نادر شاه» القائد الفارسي الملقب «بنابليون الشرق» لكثرة فتوحه. وكانت الدولة تحارب الفرس، وكادت تذهب فيها، فعاض «نادر شاه» ووقف في طريقها.
وجرت في أيام هذا السلطان حروب ومعاهدات مع دول أوربا. وقد توفي السلطان المذكور، وأسفه العثمانيون لأنه كان عادلا حليما فيه ميل إلى المساواة بين الرعايا.
وفي أيامه اتسع نطاق المملكة العثمانية بآسيا وأوربا وعقد معاهدة في بلغراد مع الروس محت العار السابق.
ومن آثاره أنه أسس أربع كتبخانات ألحقها بجوامع آيا صوفيا، ومحمد الفاتح، والوالدة وغلطه سراي.
وكان الباشوات الذين تولوا مصر في أيامه أكثر أهلية من سابقيهم، ولكن الأحكام كانت بالحقيقة قائمة بمشائخ البلد، ولهم الحل والعقد لا يستطيع الباشوات معارضتهم في شيء. (3-1) مشيخة عثمان بك
فبعد قتل ذي الفقار بك تولى مكانه عثمان بك، المتقدم ذكره. فرقى كثيرين من مماليكه إلى رتبة البكوية ليقوموا مقام الذين هلكوا بالحوادث الأخيرة.
وكان «عثمان بك» عادلا حازما، ولكنه كان صارما لا يراعي في تنفيذ العدل جانبا، فعلم أن أحد بكواته سعى في إقليمه ظلما فاستدعاه إليه، فتحقق ارتكابه، فقطع رأسه.
ويحكى عن «عثمان بك» حوادث كثيرة تشير إلى حزمه واستقامته، وقسطه، لا بأس من ذكر بعضها على سبيل المثال:
يحكى أن حمارا من حماري القاهرة أراد ترميم مذود حماره، وهو يفعل ذلك عثر في أحد جدران البيت على وعاء مملوء ذهب، ففرح جدا، وأخذ الوعاء وسلمه إلى امرأته، وأوصاها أن تكتم الأمر لئلا ينكشف للحكومة، فتأخذ المال منه لأن لها وحدها الحق بالاستيلاء على مخزونات الأرض. فطلبت المرأة من زوجها أن يبتاع لها حليا وثيابا فاخرة لتتمتع بتلك الهبة. فأبى زوجها إجابة طلبها لئلا يئول ذلك إلى كشف الحقيقة، فاغتاظت، وأسرعت لساعتها ووشت به إلى «عثمان بك» فاستدعى الحمار، وبعد أن سمع حقيقة الحال صرفه قائلا: «احفظ ما وهبك الله، وطلق امرأتك، وعش بسلام.»
صفحه نامشخص