مشكاة الأنوار

Al-Ghazali d. 505 AH
57

مشكاة الأنوار

مشكاة االأنوار

پژوهشگر

الدكتور أبو العلا عفيفي

ناشر

الدار القومية للطباعة والنشر

محل انتشار

القاهرة

التفريق وخفى الطريق: إذ الطريق الظاهر معرفة الأشياء بالأضداد؛ فما لا ضد له ولا تغير له تتشابه الأحوال في الشهادة له. فلا يبعد أن يخفى ويكون خفاؤه لشدة جلائه والغفلة عنه لإشراق ضيائه. فسبحان من اختفى عن الخلق لشدة ظهوره، واحتجب عنهم لإشراق نوره. وربما لم يفهم أيضًا كنه هذا الكلام بعض القاصرين، فيفهم من قولنا "إن الله مع كل شىء كالنور مع الأشياء" أنه في كل مكان؛ تعالى وتقدس عن النسبة إلى المكان. بل لعل الأبعد عن إثارة هذا الخيال أن نقول إنه قبل كل شىء؛ وإنه فوق كل شىء؛ وإنه مُظهِر كل شىء. والمظهِر لا يفارق المظهَر في معرفة صاحب البصيرة. فهو الذى (و١١ـ ا) نعنى بقولنا إنه مع كل شىء. ثم لا يخفى عليك أيضًا أن المظهِر قبل المظهَر وفوقه مع أنه معه بوجه: لكنه معه بوجه وقبله بوجه. فلا تظنن أنه متناقض، واعتبر بالمحسوسات التى هى درجتك في العرفان؛ وانظر كيف تكون حركة اليد مع حركة ظل اليد وقبلها أيضًا. ومن لم يتسع صدره لمعرفة هذا فليهجر هذا النمط من العلم، فلكل علم رجال؛ وكلّ ميسّر لما خلق له.

1 / 64