مقدمة المؤلف الحمد لله أهل الحمد ووليه، ومنتهى الحمد وغايته، نحمده على ما هدانا من الحق إلى محجته، وأرشدنا من الدين إلى جادته، والصلاة على سيد بريته وخير خلقه محمد (صلى الله عليه وآله) وآله الطاهرين من عترته المنتجبين من أرومته (1) وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته.
وبعد... فإن مولاي والدي الشيخ الإمام الأجل السعيد رضي الدين أمين الإسلام والمسلمين حجة الخلق أبا نصر الحسن بن الفضل بن الحسن الطبرسي نور الله حفرته وحشره مع مواليه الطاهرين، لما جمع كتاب " مكارم الأخلاق " واستحسنه أهل الآفاق، ابتدأ بتصنيف كتاب آخر جامع لسائر الأحوال، حاو لمحاسن الأفعال، واختار في ذلك المعنى كثيرا من الأخبار المروية، المنتقاة من مشاهير كتب أصحابنا رضي الله عنهم أجمعين، ولم يتيسر له إتمامه وأدركه حمامه، جعل الله له الجنة مأواه، وأعطاه من فضله ما يتمناه، بحق محمد وعترته الطيبين الطاهرين.
ثم سألني جماعة من المؤمنين الراغبين في أعمال الخير أن أؤلف هذا الكتاب،
صفحه ۲۷
فتقربت إلى الله عز وجل بتأليفه، وكتبت ما حضرني من ذلك، ورتبته وبوبته، وتركت في آخر كل باب أوراقا لألحق به ما شذ عني، وسميت هذا الكتاب ب " مشكاة الأنوار في غرر الأخبار ".
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي بذلك ذنوبي، ويستر علي في يوم القيامة عيوبي، وأطمع ممن نظر فيه واستفاد منه أن يذكرني في صالح دعائه، وأستمد من الله عز وجل التوفيق لاتمامه، إنه الموفق والمستعان وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم الوكيل.
فهرست الكتاب وهو عشرة أبواب:
الباب الأول في الإيمان والإسلام وما يتعلق بهما، وفيه خمسة عشر فصلا:
الفصل الأول - في التوحيد.
الفصل الثاني - في الإخلاص.
الفصل الثالث - في اليقين.
الفصل الرابع: في التوكل.
الفصل الخامس - في الصبر.
الفصل السادس - في الشكر.
الفصل السابع - في الرضا.
الفصل الثامن - في حسن الظن بالله.
الفصل التاسع - في التفكر.
الفصل العاشر - في الإيمان والإسلام.
الفصل الحادي عشر - في التقية.
الفصل الثاني عشر - في التقوى والورع.
الفصل الثالث عشر - في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الفصل الرابع عشر - في أداء الأمانة.
الفصل الخامس عشر - في الذكر.
صفحه ۲۸
الباب الثاني في ذكر صفات الشيعة وأحوالهم وعلاماتهم وآدابهم وما يليق بها، وفيه تسعة فصول:
الفصل الأول - في صفات الشيعة.
الفصل الثاني - في ذكر علامات الشيعة.
الفصل الثالث - في آداب الشيعة.
الفصل الرابع - في منزلة الشيعة عند الله وما يجب أن يكونوا عليه.
الفصل الخامس - فيما جاء في فضائل شيعة علي (عليه السلام).
الفصل السادس - في ذكر كرامة المؤمن عند الله عز وجل.
الفصل السابع - في ذكر ما يجب من حق المؤمن (1) على المؤمن (2).
الفصل الثامن - في أذى المؤمن وتتبع عثراته.
الفصل التاسع - في الدين.
الباب الثالث في محاسن الأفعال وشريف الخصال وما يناسبهما، وفيه ستة وعشرون فصلا:
الفصل الأول - في التوبة.
الفصل الثاني - في العبادة.
الفصل الثالث - في الزهد.
الفصل الرابع - في الخوف والرجاء.
الفصل الخامس - في المحبة والشوق.
الفصل السادس - في الغنى والفقر.
الفصل السابع - في القناعة.
الفصل الثامن - في العلم والعالم وتعليمه وتعلمه واستعماله.
صفحه ۲۹
الفصل التاسع - في الحث على الكتابة والتكاتب وما يليق به.
الفصل العاشر - في قول الخير وفعله.
الفصل الحادي عشر - في الخصال المعدودة وما يليق بها.
الفصل الثاني عشر - في الأخذ بالسنة ومعنى القرآن وما يليق بهما.
الفصل الثالث عشر - في اجتناب المحارم وما يشبهها.
الفصل الرابع عشر - في عقوق (1) الوالدين وبرهما.
الفصل الخامس عشر - في صلة الرحم.
الفصل السادس عشر - في ذكر الأيتام.
الفصل السابع عشر - في إكرام الشيوخ.
الفصل الثامن عشر - في ذكر الشبان.
الفصل التاسع عشر - في الصدق والاشتغال عن عيوب الناس والنهي عن الغيبة.
الفصل العشرون - في حفظ اللسان.
الفصل الحادي والعشرون - في الإصلاح بين الناس وما يشبهه.
الفصل الثاني والعشرون - في حسن المداراة وحسن الملة.
الفصل الثالث والعشرون - في الرفق وحسن البشر.
الفصل الرابع والعشرون - في محاسن الأفعال.
الفصل الخامس والعشرون - في الإنفاق.
الفصل السادس والعشرون - في اليأس والاستغناء عن الناس.
الباب الرابع في آداب المعاشرة مع الناس وما يتصل بها، وفيه اثنا عشر فصلا:
الفصل الأول - في اتخاذ الإخوان.
الفصل الثاني - في آداب المعاشرة.
صفحه ۳۰
الفصل الثالث - في الاستئذان.
الفصل الرابع - في التسليم والمعانقة.
الفصل الخامس - في المصافحة والتقبيل.
الفصل السادس - في آداب الجلوس.
الفصل السابع - في العطاس.
الفصل الثامن - في التزاور.
الفصل التاسع - في صحبة الخلق والمواساة معهم.
الفصل العاشر - في حق الجار.
الفصل الحادي عشر - في الحلم وكظم الغيظ والغضب.
الفصل الثاني عشر - في التهادي وغيره.
الباب الخامس في مكارم الأخلاق ونظائرها، وفيه سبعة فصول:
الفصل الأول - في حسن الخلق.
الفصل الثاني - في التواضع.
الفصل الثالث - في العفو.
الفصل الرابع - في السخاوة والبخل.
الفصل الخامس - في الحياء وما يشبهه.
الفصل السادس - في الغيرة (1).
الفصل السابع - في مكارم الأخلاق.
الباب السادس في ذكر عيوب النفس ومجاهدتها، وصفة العقل والقلب وما يليق بهما، وفيه ثمانية فصول:
الفصل الأول - في عيوب النفس ومجاهدتها (2).
صفحه ۳۱
الفصل الثاني - في صفة العقل.
الفصل الثالث - في ذكر القلب.
الفصل الرابع - في الخلوة والعزلة وما يليق بهما.
الفصل الخامس - في الحقائق.
الفصل السادس - في الرفاهية.
الفصل السابع - في ذم الدنيا.
الفصل الثامن - فيما جاء في جمع المال، وما يدخل على المؤمن (1) من النقص في جمعه.
الباب السابع في ذكر المصائب والشدائد والبلايا وما وعد الله عليها من الثواب وذكر الموت، وفيه تسعة فصول:
الفصل الأول - فيما جاء في الصبر على المصائب.
الفصل الثاني - في فضل المرض.
الفصل الثالث - في الحزن.
الفصل الرابع - في التسلية.
الفصل الخامس - في ذكر ما جاء في المؤمن وما يلقى من أذي الناس وبغضهم إياه.
الفصل السادس - في الابتلاء.
الفصل السابع - في الشدائد والبلايا.
الفصل الثامن - في ذكر ما يجب على المؤمن من التسليم لأمر الله والرضا بقضائه.
الفصل التاسع - في الموت
صفحه ۳۲
الباب الثامن: في ذكر الخصال المنهي عنها وما يناسبها، وفيه عشرة فصول:
الفصل الأول - في الغضب.
الفصل الثاني - في الحسد.
الفصل الثالث - في الرياء.
الفصل الرابع - في العجب.
الفصل الخامس - في الظلم والحرام.
الفصل السادس - في الدخول على السلاطين وأحوالهم، وذكر طاعة المخلوق.
الفصل السابع - في الخصال المنهي عنها.
الفصل الثامن - في الشهرة والسرائر.
الفصل التاسع - فيمن حقر مؤمنا.
الفصل العاشر - في كتمان السر وما يتصل به.
الباب التاسع: في ذكر المواعظ.
الباب العاشر: في المتفرقات، وهي شاملة لهذه الفصول:
الفصل الأول - في الدعاء لأخيك بظهر الغيب.
الفصل الثاني - في الصيانة والمراشد والتهذيب.
الفصل الثالث - في نوادر الحب والبغض والتوفيق.
الفصل الرابع - في التذكر بالنعم ومؤنها.
الفصل الخامس - في الاستدراج وكفر النعم.
الفصل السادس - في القبض والبسط وغيرهما.
الفصل السابع - في الوصية.
صفحه ۳۳
الباب الأول في الإيمان والإسلام وما يتعلق بهما وفيه: خمسة عشر فصلا
صفحه ۳۵
الفصل الأول في التوحيد () - من كتاب المحاسن: عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله يقول: * (وأن إلى ربك المنتهى) * (1) فإذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا (2).
() - من كتاب التوحيد: عن أحمد بن عبد (3) [الله] الجويباري في سفر الرضا علي بن موسى عن أبيه عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما جزاء من أنعم الله [عز وجل] عليه (4) بالتوحيد إلا الجنة (5).
() - عن أبي ذر (رحمه الله) قال: خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشي وحده وليس معه إنسان، فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد، قال: فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، قال: من هذا؟ قلت: أبو ذر جعلني الله
صفحه ۳۷
فداك، فقال: يا أبا ذر تعال، قال: فمشيت معه ساعة، فقال: إن المكثرين (1) هم الأقلون (2) يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا، فنفح (3) منه بيمينه وشماله وبين يديه وورائه وعمل فيه خيرا، قال: فمشيت معه ساعة، فقال: اجلس هاهنا، فأجلسني في قاع (4) حوله حجارة، وقال لي: اجلس حتى أرجع إليك، قال: فانطلق في الحرة (5) حتى لم أره، وتوارى عني فأطال اللبث، ثم إني سمعته (صلى الله عليه وآله) وهو مقبل يقول: وإن زنا وإن سرق، قال: فلما جاء لم أصبر حتى قلت: يا نبي الله جعلني الله فداك! من تكلم في جانب الحرة، فإني سمعت أحدا يرد عليك شيئا؟ قال: ذلك جبرئيل، عرض لي في جانب الحرة وقال (6): بشر أمتك أنه من مات ولا يشرك بالله [عز وجل] دخل الجنة، قال: قلت: يا جبرئيل وإن زنا وإن سرق؟ قال: نعم، قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: نعم، وإن شرب الخمر (7).
() - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات لا يشرك بالله شيئا أحسن أو أساء دخل الجنة (8).
() - عن ريان بن الصلت عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله جل جلاله: ما آمن بي من
صفحه ۳۸
فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على ديني من يستعمل القياس في ديني (1).
() - عن داود بن القاسم قال: سمعت علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية * (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون) * (2) (3).
() - عن أبي هاشم الجعفري قال: سألت أبا جعفر (4) محمد بن علي الثاني (عليهما السلام):
ما معنى الواحد؟ فقال: المجتمع عليه بجميع الألسن بالوحدانية (5).
() - عن الصادق (عليه السلام) أنه سأله رجل، فقال له: إن أساس الدين التوحيد والعدل، وعلمه كثير، ولابد للعاقل منه، فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ويتهيأ حفظه، فقال (عليه السلام): أما التوحيد فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك، وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه (6).
() - عن عبد العزيز بن المهتدي (7) قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن التوحيد، فقال:
كل من قرأ * (قل هو الله أحد) * (8) وآمن بها (9) فقد عرف التوحيد، قلت: كيف يقرأها؟ قال: كما يقرأ الناس، وزاد فيه " كذلك الله ربي " ثلاثا (10).
صفحه ۳۹
() - عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله!
علمني من غرائب العلم، قال: ما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟ قال الأعرابي: وما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: معرفة الله حق معرفته، فقال الأعرابي: ما معرفة الله حق معرفته؟ قال: أن تعرفه بلا مثل ولا شبه ولا ند، وأنه واحد أحد، ظاهر باطن، أول آخر، لا كفو له ولا نظير له، فذلك حق معرفته (1).
() - أيضا من كتاب المحاسن: عن فضل بن يحيى قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن شئ من الصفة، فقال: لا تجاوز ما في القرآن، قال الله تعالى: * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * (2) (3).
() - من كتاب الإرشاد: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله [تعالى] لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ، وكلما وقع في الوهم فهو بخلافه (4).
صفحه ۴۰
الفصل الثاني في الإخلاص () - من المحاسن: عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (حنيفا مسلما) * (1) قال:
خالصا مخلصا لا يشوبه شئ (2).
() - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن المؤمن يخشع له كل شئ حتى هوام الأرض وسباعها وطير السماء (3).
() - من كتاب روضة الواعظين: قال النبي (صلى الله عليه وآله): إن لكل حق حقيقة، وما بلغ عبد حق (4) حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن يحمد على شئ من عمل الله (5).
() - ومن كتاب روضة الواعظين: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال الله عز وجل: أنا خير
صفحه ۴۱
شريك (1) من أشرك معي في عمل عمله (2)، لا أقبله إلا ما كان لي خالصا (3).
() - وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحب أن يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده (4).
صفحه ۴۲
الفصل الثالث في اليقين () - من كتاب المحاسن: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام) في خطبة له طويلة: الإيمان على أربع دعائم: على الصبر، واليقين، والعدل، والتوحيد (1).
() - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الإيمان أفضل من الإسلام، وإن اليقين أفضل من الإيمان، وما من شئ أعز من اليقين (2).
() - عن يونس بن عبد الرحمان قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن الإيمان والإسلام، فقال: قال أبو جعفر (عليه السلام): إنما هو الإسلام، والإيمان فوقه بدرجة، والتقوى (3) فوق الإيمان بدرجة، واليقين فوق التقوى بدرجة، ولم يقسم بين ولد آدم شئ أقل من اليقين، قال: قلت: فأي شئ من (4) اليقين؟ قال:
صفحه ۴۳
التوكل على الله، والتسليم لله، والرضى بقضاء الله، والتفويض إلى الله، قلت:
ما تفسير ذلك؟ قال: هكذا قال أبو جعفر (عليه السلام) (1).
() - عن صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما) * (2) فقال: أما أنه ما كان ذهبا ولا فضة، وإنما كان أربع كلمات، أنا الله لا اله إلا أنا، من أيقن بالموت لم يضحك سنه، ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم يخش إلا الله (3).
() - عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام) على المنبر: لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطاه لم يكن يصيبه (4).
() - عن أبي عبد الله عن آبائه عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من اليقين أن لا ترضوا الناس بسخط الله، ولا تحمدوهم على ما رزقكم الله، ولا تذموهم على ما لم يؤتكم الله، إن الرزق لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهة كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه - كما يفر من الموت - لكان رزقه أشد له طلبا، وأسرع إدراكا من الموت، إن الله تعالى جعل الروح والراحة في اليقين والرضى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط (5).
() - عن عبد الله بن سنان قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): من صحة يقين المرء المسلم أن لا يرضي الناس بسخط الله (6).
ثم ساق الحديث نحوا من حديث ميمون، إلا أنه قال: لأدركه رزقه قبل
صفحه ۴۴
موته كما يدركه الموت، ثم قال: إن الله بعدله وقسطه وعلمه جعل الروح والفرج في اليقين والرضى عن الله عز وجل، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، فارضوا عن الله وسلموا لأمره (1).
() - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان قنبر غلام علي (عليه السلام) يحب عليا حبا شديدا، فإذا خرج علي خرج على إثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: يا قنبر مالك؟
فقال: جئت لامشي خلفك يا أمير المؤمنين، فقال: ويحك! أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الأرض؟ قال: لا، بل من أهل الأرض، فقال: إن أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئا لو شاؤوا إلا بإذن من السماء، فارجع، قال (2):
فرجع (3).
() - عنه (عليه السلام): ليس شئ إلا له حد، قال: قلت: جعلت فداك فما حد التوكل؟
قال: اليقين، قلت: فما حد اليقين؟ قال: أن لا تخاف مع الله شيئا (4).
() - قيل للرضا (عليه السلام): ما حد التوكل؟ قال: أن لا تخاف مع الله غيره (5).
() - عن الصادق (عليه السلام) قال: كان علي (عليه السلام) يقول: " اللهم من علي بالتوكل عليك، والتفويض إليك، والرضى بقدرك، والتسليم لأمرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت، يا أرحم الراحمين " (6).
() - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كفى باليقين غنى، وبالعبادة شغلا (7).
صفحه ۴۵
() - وقال (عليه السلام): إن محمد بن الحنفية كان رجلا رابط الجأش وكان الحجاج يلقاه فيقول له: لقد هممت أن أضرب الذي فيه عيناك، فيقول: كلا! إن لله في كل يوم ثلاثمائة وستين لحظة، فأرجو أن يكفيني (1) بإحداهن (2).
() - عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى بالناس الصبح، فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي (3) برأسه، مصفر لونه، وقد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، ولصق جلده بعظمه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): كيف أصبحت يا حارث؟ فقال:
أصبحت يا رسول الله موقنا! فقال: فعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قوله وقال له:
إن لكل يقين حقيقة، فما حقيقة يقينك؟ فقال: إن يقيني يا رسول الله هو أحزنني (4) وأسهر ليلي وأظمأ هواجري (5)، فعزفت نفسي (6) عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى عرش ربي قد نصب للحساب، وحشر الخلائق لذلك وأنا فيهم، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون فيها ويتعارفون على الأرائك متكئين، وكأني أنظر إلى أهل النار فيها معذبون ويصطرخون (7)، وكأني أسمع الآن زفير النار يدور في مسامعي.
قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان، ثم قال (صلى الله عليه وآله): إلزم ما أنت عليه، قال: فقال له الشاب: ادع الله لي يا رسول الله أن ارزق الشهادة
صفحه ۴۶
معك، قال: فدعا له بذلك، فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر (1).
() - عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: كان رجل من أصحاب علي (عليه السلام) يقال له قيس يصلي، فلما صلى ركعة تطوق اسود في موضع السجود، فلما ذهب يصلي الثانية نحى جبينه عنه فتطوق الأسود في عنقه ثم انساب في قميصه.
وإني أقلبت يوما من الفرع (2) فحضرت الصلاة وأنا في بعض الطريق، فنزلت فصرت إلى ثمامة (3)، فلما صليت ركعة أقبل أفعى من تحت الثمامة، فلما دنا مني رجع إلى الثمامة وأقبلت على صلاتي ولم أخفها، وعلى دعائي ولم أخففه، ثم قلت لبعض من معي: دونك الأفعى تحت الثمامة، فقتله، ومن لم يخف إلا الله كفاه الله (4) (5).
() - عن أبي القداح عن أبيه قال: استأذن رجل من أتباع بني أمية على أبي جعفر (عليه السلام) - وكان من القوم سيل (6) - فخفنا عليه، فقلنا: جعلنا الله فداك، هذا فلان يستأذن عليك، فلو تواريت منه، وقلنا: ما هو هاهنا، قال: لا، بل ائذنوا له، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن الله عز وجل عند لسان كل قائل، ويد كل باسط، فهذا القائل لا يستطيع أن يقول إلا ما شاء الله، وهذا الباسط لا يستطيع بيده إلا بما (7) شاء الله. قال: ثم أذن للرجل فدخل عليه فسأله عن أشياء أمر
صفحه ۴۷
فيها، ثم ذهب (1).
() - سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال لهما: ما بين الإيمان واليقين؟ فسكتا، فقال للحسن (عليه السلام): أجب يا أبا محمد! قال: بينهما شبر، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأن الإيمان ما سمعناه بآذاننا وصدقناه بقلوبنا، واليقين ما أبصرناه بأعيننا واستدللنا به على ما غاب عنا (2).
() - سئل الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل لإبراهيم صلوات الله عليه: * (أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * (3) أكان في قلبه شك؟ قال: لا، كان فيه يقين، ولكن أراد من الله الزيادة على يقينه (4).
صفحه ۴۸