Mishkalat Al Thaqafa
مشكلة الثقافة
پژوهشگر
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
ناشر
دار الفكر
شماره نسخه
١٤٢٠هـ = ٢٠٠٠م ط٤
محل انتشار
دمشق سورية
ژانرها
وبذلك نفهم ضمنا أهمية الصلة الثقافية، تلك الصلة التي تمنح الأفكار والأشياء قيمتها الذاتية والموضوعية في إطار معين.
ومهما يكن من شيء فإن هذه العلاقة التي تتيح لنا أن نتلقى مقاييس ذاتية، تنقل إلينا غالبًا كرسائل ملغزة.
فإذا حدث أن فسر فردان هذه الرسالة بصورة واحدة مع ما بينهما من فروق اجتماعية، فإن ذلك دليل على أنهما ينتهيان إلى ثقافة واحدة.
والشواهد على ذلك سبق إيرادها، فالخليفة والبدوي المسلمان يتصرفان بصورة واحدة إذا ما واجها مشكلة سياسية أخلاقية معينة، لأن كليهما ينتميان إلى الثقافة الإسلامية.
والطبيب والراعي الإنجليزيان يتصرفان بصورة واحدة أيضًا أمام حل عقدة عطيل، لأنهما يمثلان نموذجًا ثقافيًا آخر.
ومن هذا نرى أن ذاتيتنا تؤدي دورًا رئيسيا في تحديد الثقافة وفي رسم خصائصها.
لكن إثراء هذه الذاتية لا يقتصر على الأشخاص والأفكار التي تكون المجال الروحي؛ فإن لدينا حوارًا آخر مع الطبيعة التي تنقل إلينا رسالتها، مكتوبة بأبجدية ملغزة أيضًا، هي: أبجدية الألوان والأصوات والروائح والحركات والظلال والأضواء والأشكال والصور؛ هذه العناصر الطبيعية ذاتها تتجمع في نفسيتنا ثم تذوب وتهضم في صورة عناصر ثقافية، تندمج في وجودنا الأخلاقي وفي بنائنا الأساسي.
فليس من قبيل الصدفة أن تغنى الشعراء وخلد الرسامون شروق الشمس وغروبها، فرسموا خفة حركة وجمال صورة، كما نشدوا ذكاء رائحة ورقة لون.
1 / 56