وأما القول في أول من صنف، أو أول ما صنف، فنقول: ذكر الأوليات - كما هو دأب المؤرخين - إنما هو لبيان فضيلة أو افتخار أو ضدهما وأمثال ذلك، كذكرهم أول من سن سقاية الحاج، وأول من كسى الكعبة بالديباج، وأول من آمن، أو أول من هاجر، إلى غير ذلك. وفى الخبر: " من سن سنة حسنة كان له ثوابها وثواب من عمل بها إلى يوم القيامة " - الحديث (1).
وإن تدوين العلم وجعل ذلك سنة لمن أحسن السنن، كيف لا وبه يحفظ الدين من الاندراس. فالتحقيق عن مؤسس هذا الامر الجليل تحقيق عن أول من أقدم على وضع هذه السنة السنية، وأول من أحرز هذه المنقبة. والبحث عن أول من صنف في فن مخصوص إنما هو فرع من فروع هذه الشجرة.
وإذ انجر الكلام إلى هذا المقام فلنرجع إلى كلام ابن شهرآشوب فنقول:
قد عرفت قوله: " إن الصحيح أن أول من صنف فيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، جمع كتاب الله عز وجل، ثم سلمان الفارسي، ثم أبو ذر الغفاري، ثم أصبغ بن نباتة، ثم عبيد الله بن أبي رافع، ثم الصحيفة الكاملة ".
وأقول: إن ههنا كتبا ذكرها في أول ما صنف في الاسلام بعد ذكر الكتاب المجيد أولى مما عده ابن شهرآشوب.
منها: كتاب مولى الكونين علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنه قد استفاضت الاخبار بأن له (ع) كتابا هو إملاء رسول الله (ص) وبخطه (ع)، وكان
صفحه ۳۰