مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
بعضهم، وذكر عددهم وها أنا أشير إلى شيء من ذلك.
ذكر شيء من قصة الخوارج
وما جرى بينهم وبين علي رضي الله تعالى عنه ذكر بعض أهل التواريخ أنهم لما استقروا في حروراء وهم في ستة آلاف مقاتل، وقيل ثمانية آلاف،، مضى إليهم علي بنفسه وخطبهم متوكئًا على قوسه، وقال هذا يوم من فلح فيه يعني من ظهرت حجته فلح يوم القيامة، انشدكم الله هل تعلمون أن لا أحد أكره مني للحكومة، قالوا: اللهم نعم: قال: فهل علمتم أنكم أكرهتموني عليها؟ قالوا: اللهم نعم: قال: فعلام خالفتموني ونابذتموني؟ قالوا: اتينا ذنبًا عظيمًا، فتبنا إلى الله تعالى منه، فتب أنت إليه منه واستغفر نعد إليك، قال: فإني أستغف الله من كل ذنب فرجعوا معه، فلما استقروا بالكوفة أشاعوا أن عليًا رجع عن التحكيم، وتاب منه، ورآه ضلالًا، فأتاه الأشعث بن قيس، وقال له: يا أمير المؤمنين إن الناس قد تحدثوا أنك، قد رأيت الحكومة ضلالًا والإقامة عليها كفرًا، وأنك قد بدا لك، ورجعت عنها، فخطب الناس وقال: من زعم أني رجعت عن الحكومة فقد كذب، ومن رآها ضلالًا فهو أضل منها، فلما سمعت الخوارج منه هذا خرجت من المسجد، فقيل إنهم خارجون، فقال: لا أقاتلهم حتى يقاتلوني، وسيفعلون، فوجه إليهم عبد الله بن عباس ﵄، فلما أتاهم رحبوا به وأكرموه، وقالوا ما جاء بك يا ابن عباس؟ قال: جئتكم من عند صهر رسول الله ﵌ وابن عمه، وأعلمنا بربه وسنة نبيه، ومن عند المهاجرين والأنصار. قالوا: يا ابن عباس إنا أتينا ذنبًا عظيمًا حين حكمنا الرجال في دين الله تعالى، فإن تاب كما تبنا ونهض لمجاهدة عدونا رجعنا إليه، فقال لهم ابن عباس: انشدكم الله إلا ما صدقتم، اما علمتم أن الله تعالى أمر بتحكيم الرجال في أرنب تساوي ربع درهم يصاد في الحرم؟ فقال عز من قائل: " يحكم به ذو عدل منكم هديًا بالغ الكعبة ". - المائدة: ٩٥ - وكذا في شقاق رجل امرأته بقوله تعالى: " فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما " - النساء: ٣٥ - فقالوا: اللهم نعم. قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله ﵌ أمسك عن القتال للهدنة بينه وبين قريش في الحديبية؟ قالوا اللهم نعم ولكن عليًا سما نفسه عن الخلافة بالتحكيم. قال ابن عباس: ليس ذلك يزيلها عنه، فإن رسول الله ﵌ محا اسم النبوة يوم الصحيفة، فلم يزل ذلك عنه اسم النبوة، حيث قال لعلي: " اكتب الشرط بيننا بسم الله الرحمن الرحيم " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ﵌، فقال المشركون: لو علمنا أنك رسول الله
1 / 94