مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر¶ من حوادث الزمان
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ابن عرس والثعلب. وفي اسمه ونسبه اختلاف كثير، كان من سادات التابعين وأعيانهم، وصاحبًا لعلي أبي طالب ﵁، معه شهد وقعة صفين، وهو بصري من أكمل الرجال رأيًا وأرجحهم عقلًا، وهو أول من وضع النحو، وفي سبب ذلك اختلاف كثير. قيل: ان عليًارضي الله عنه وضع له: الكلام كله ثلاثة اسم، وفعل وحرف، ثم دفعه إليه وقال: وتم على هذا، وقيل إنه كان يعلم أولاد زياد ابن أبيه وهو والي العراقين يومئذ، فجاء يومًا ماوقال له: اصلح الله الأمير إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيرت ألسنتهم أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون أو يقيمون به كلامهم؟ قال: لا فجاء رجل إلى زياد، وقال: اصلح الله الأمير توفي أبونا وترك بنين فقال: ادعوا أبا الأسود، فلما حضر قال ضع للناس الذي نهيتك أن تضع لهم. وقيل إنه دخل يومًا بيته فقال له بعض بناته يا أبة ما أحسن السماء وذكرت ذلك برفع النون من أحسن وجرت الهمزة من السماء، فقال: يا بنية نجومها فقالت إني لم أرد أي شيء منها، احسن إنما تعجبت من حسنها، فقال اذن قولي ما أحسن السماء وحينئذ وضع النحو قلت وإنما رد عليها لأنها رفعت النون من أحسن، وجرت الهمزة من آخر السماء، ومثل هذا يقع استفهامًا عن أي شيء في السماء أحسن؟ فلما فهم منها أنها لم ترد ذلك وإنما أرادت التعجب من حسن السماء أمرها أن تفتح النون والهمزة المذكورتين معًا، كما هو المعروف من وضع العربية في التعجب. وحكى ولده أبو حرب: قال أول باب رسم والدي التعجب. وقيل لأبي الأسود: من أين لك هذا العلم يعنون النحو؟ قال: تلقنت حدوده من علي بن أبي طالب ﵁. وقيل إن أبا الأسود كان لا يخرج شيئًا أخذه عن علي بن أبي طالب حتى بعث إليه زياد المذكور أن أعمل شيئًا يكون للناس إمامًا ويعرف به كتاب الله ﷿، فاستعفاه أبو الأسود من ذلك حتى سمع أبو الأسود قارئًا يقرأ إن الله بريء من المشركين ورسوله بالكسر، قال ما ظننت أن أمر الناس يؤول إلى هذا، فرجع إلى زياد فقال أفعل ما أمر به الأمير، فليعني كاتبًا لقنًا يفعل ما أقول، فأتي بكاتب من عبد القيس فلم يرضه، فأتي بآخر فقال له أبو الأسود إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحررف فانقط بين نقطة فوق، وإن ضممت فمي فانقط بين يدي الحروف، فإن كسرت فاجعل النقط من تحت، ففعل ذلك وإنما سمي النحو نحو الآن أبا الأسود المذكور، قال استأذنت علي بن أبي طالب ﵁ أن أضع نحو ما وضع، فسمي لذلك نحوًا والله أعلم. وكان لأبي الأسود بالبصرة دارًا وله جارًا يتأذى منه في كل وقت، فباع الدار فقيل له:
1 / 162