وعند ذاك فقط يجلو الصفاء ويطيب .. إذا انقشعت الظلمات .. وأسفرت الإسكندرية عن وجه مغسول .. وخضرة يانعة، وطرقات متألقة، ونسائم نقية، وشعاع دافئ، وصحوة ناعمة.
عايشت العاصفة من وراء الزجاج. حتى نعمت بالصفاء. شيء حدثني بأن تلك الدراما إنما تحكي أسطورة مطمورة في قلبي .. وتخط طريقا ما زال غامض الهدف .. أو تضرب موعدا في غمغمة لم تفهم بعد.
دقت الساعة الكبيرة فوضعت إصبعي في أذني حتى لا أعرف الوقت. ثم ترامت إلي أصوات غريبة. استمرت في إصرار وارتفعت. مشاحنة؟ .. شجار؟ إن الأحداث التي تقع في البنسيون تكفي قارة بأكملها. وحدس قلبي بأن زهرة محورها كالعادة. وفتح باب بعنف فوضحت الأصوات تماما. زهرة وسرحان! وثبت إلى الباب ففتحته. رأيتهما في الصالة وجها لوجه كديكين والمدام تحول بينهما.
وكان سرحان يصرخ في غضب هادر: أنا حر .. أتزوج بمن أشاء .. سأتزوج من علية.
زهرة غاضبة كبركان، عز عليها أن يعبث بها، أن تنهار آمالها ثم ترتد وهي الخاسرة. إذن قد نال أربه ويريد أن يولي وجهة أخرى. اقتربت منه ثم أخذته من يده عائدا إلى حجرتي. كان ممزق البيجاما في أكثر من موضع، دامي الشفتين. وراح يصيح: شريرة متوحشة!
فطالبته بالهدوء ولكنه تمادى في الغضب وهو يقول: تصور .. تريد حضرتها أن تتزوج مني!
فعدت أنصحه بالهدوء فصاح: مجنونة فاجرة!
وضقت به فسألته: لم أرادت أن تتزوج منك؟ - اسألها .. اسألها. - إني أسألك أنت.
نظر إلي لأول مرة في انتباه، فقلت: لا بد من سبب يبرر طلبها؟
تحول الانتباه في عينيه إلى حذر ثم سألني: ماذا تعني؟
صفحه نامشخص