تنسمت في قولها عزيمة ردت إلي الروح فقلت: حسن أن تواصلي تعليمك وأن تتدربي على مهنة، ولكن كيف توفرين لنفسك الأمن والرزق؟
قالت بثقة وتحد: في كل خطوة أجد من يعرض علي عملا.
قلت برقة أستعين بها على إقناعها: والقرية .. ألا تفكرين في العودة إليها؟ - كلا .. إنهم يسيئون بي الظن.
فقلت فيما يشبه التوسل: ومحمود أبو العباس؟ .. له عيوبه بلا شك، ولكنك قوية وستستطيعين أن تقوميه وأن تدفعيه إلى ما هو خير. - ليس دونهم سوء ظن بي.
تنهدت في تسليم أسيف وقلت: أود أن أطمئن عليك يا زهرة، إني أحبك. هو حب متبادل فيما أعتقد. وباسمه سأرجوك أن تقصديني عند الشدة.
رمقتني بامتنان وحب فقلت: مهما يكن من مرارة التجربة الماضية فلن تغير مرارتها من طبيعة الأشياء، ستظل غايتك المنشودة هي العثور على ابن الحلال.
أحنت رأسها وهي تتنهد. - وستجدين حتما ابن الحلال الجدير بك .. إنه موجود الآن في مكان ما، ولعله يتحين اللحظة المناسبة.
غمغمت بكلام لم أتبينه، ولكن حدثني قلبي بأنه كلام طيب، فقلت: ما تزال الدنيا بخير، وستكون كذلك إلى الأبد.
لبثنا جالسين نراوح بين الصمت والمناجاة. وبعد وقت غير قصير استأذنت في الانصراف ثم ذهبت إلى حجرتها.
مكثت وحدي طويلا حتى استيقظت - تسلل النوم إلي وأنا لا أدري - على صوت الباب وهو يفتح.
صفحه نامشخص