ووقع له ما وقع، فبالحرى ذلك في اسم الله تعالى؛ لأنه هو المخلص في الدنيا والآخرة، والمنجي من مكائد أبي مرة ومصايد الحارث ووساوس الولهان، وكيف لا وإن سائر أسماء الله تعالى جميعها مضمنة، فيه مندرجة فيما تحته، كما قيل: إن لفظة الله اسم للذات، مستجمع لجميع الصفات، وأن سورة التوحيد مخصوصة به، وكلمة الشهادة واقعة به، والأيمان مشروعة به.
ولو بسطنا القول فيه من حيث الاشتقاق والوضع والإعراب والمعاني والبيان والبديع، ومن حيث اختلاف المجتهدين فيما يبتنى عليه من الأحكام، ومن حيث الثواب والفضيلة، ومن حيث ما ورد فيه الآثار والأخبار، لاحتجنا إلى دفاتر ما تحمل على الأكتاف، ولكن نذكر شيئا نزرا بقدر ما يتحمله هذا المختصر، تشفيا لصدور الناظرين، وترويا لقلوب الواردين.
فنقول: (بسم الله) أي بسم الله أشرع، وهو اللائق به، وكذلك المسافر إذا حل أو ارتحل وقال: بسم الله، أي بسم الله أحل، وبسم الله أرتحل، وكذلك كل فاعل يبدأ في أول فعله: بسم الله.
فإن قلت: لم قدرت المحذوف متأخرا؟ قلت: لفائدة الاختصاص الذي يحصل بتقديم الاسم وتأخير الفعل كما في ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾.
فإن قلت: لم قدم الفعل على الاسم في قوله تعالى: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾.
قلت: هذا أول ما أنزل على النبي ﷺ، فكان الأمر بالقراءة أهم لتبليغ الرسالة فلذلك قدم.
فإن قلت: لفظة الله اسم أو صفة؟ قلت: اسم غير صفة، ألا ترى أنك تصفه ولا تصف به فتقول: الله رحيم، ولا تقول: الرحيم الله.
فإن قلت: اسم موضوع أو مشتق؟ قلت: ليس بمشتق في الأصح، والذين ذهبوا إلى اشتقاقه بعضهم قالوا: من ألِه يألَه بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر: أي
1 / 26