منحة القريب المجيب

ابن حمد المعمر d. 1244 AH
142
فالأول الأرض المقدسة التي ينبت فيها ذلك -ومنها بعث المسيح -، والثاني الجبل الذي كلم الله عليه موسى، والبلد الأمين مكة. ولما كان ما في التوراة خبرا عنها أخبر بها على الترتيب الزماني، وأما القرآن فأقسم بها تعظيما لشأنها، فأتى بها على وجه التدريج درجة بعد درجة، فهو من باب الترقي إلى الأعلى مما دونه. ومن ذلك ما جاء في زبور داود ﵇ في مزمور أربعة وأربعين: "فاضت النعمة من شفتيك، من أجل هذا بارك الله لك إلى آخر الأبد. تقلد أيها الجبار بالسيف، فإن شريعتك وسنتك مقرونة بهيبة يمينك وسهامك مسنونة، وجميع الأمم يخرون تحتك". فهذا من أظهر الأدلة على نبوة محمد ﷺ، فالنعمة التي فاضت من شفتيه هو القول الذي يقوله، وهو الكتاب الذي أنزل عليه والسنة التي سنها، وليس يتقلد بالسيف من الأنبياء بعد داود إلا محمدا ﷺ، وقرنت شرائعه بالهيبة كقوله ﷺ: «نصرت بالرعب» . وهو صريح أنه صاحب شريعة وسنة، وأنها تقوم بسيفه.

1 / 281