ويؤمن بما نطق به الكتاب وصحت به الأخبار وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولا يبيح من ذلك إلاّ ما أباحه الشرع وأهدره الرسول ﷺ.
ومن نسب إليه خلاف هذا فقد كذب وافترى وقال ما ليس له به علم وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين.
وأبدى ﵀ من التقارير المفيدة والأبحاث الفريدة على كلمة الإخلاص والتوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله، ما دل عليه الكتاب المصدق والإجماع المستبين المحقق من نفي استحقاق العبادة والإلهية عما سوى الله، وإثبات ذلك لله سبحانه على وجه الكمال المنافي لكليات الشرك وجزئياته، وأن هو معناها وضعًا ومطابقة خلافًا لمن زعم غير ذلك من المتكلمين، كمن يفسر ذلك بالقدرة على الاختراع أو بأنه تعالى غني عما سواه مفتقر إليه ما عداه. فإنّ هذا لازم المعنى، إذ الإله الحق لا يكون إلا قادرًا غنيًا عمّا سواه؛ وأما كون هذا هو المعنى المقصود بالوضع فليس كذلك.
والمتكلمون خفي عليهم هذا، وظنوا أن تحقيق توحيد الربوبية والقدرة هو الغاية المقصودة، والفناء فيه هو تحقيق التوحيد وليس الأمر كذلك.
بل هذا لا يكفي في الإيمان، وأصل الإسلام إلاّ إذا أضيف إليه واقترن به توحيد الإلهية، وإفراد الله بالعبادة والحب، والخضوع والتعظيم، والإنابة والتوكل، والخوف والرجاء، وطاعة الله وطاعة رسوله، هذا أصل الإسلام وقاعدته، والتوحيد الأول توحيد الربوبية والقدرة والخلق والإيجاد، هو الذي بني عليه توحيد العمل والإرادة، وهو دليله الأكبر وأصله الأعظم، كما قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة:١٦٣]ـ إلى آخر الآيات.
قال العلامة ابن القيم ﵀:
إن كان ربك واحدًا سبحانه ... فاخصصه بالتوحيد مع إحسان
أو كان ربك واحدًا أنشأك لم ... يشركه إذ أنشأك رب ثان
1 / 63