هذا الأمر الذي خرجتم منه، وعودوا بنا إلى قتال عدونا وعدوكم، فإنكم ركبتم عظيمًا من الأمر، تشهدون علينا بالشرك وتسفكون دماء المسلمين.
فقال له عبد الله بن شجرة السلمي: إن الحق قد أضاء لنا فلسنا متابعيكم، أو تأتونا بمثل عمر. فقال: ما نعلمه فينا غير صاحبنا، فهل تعلمونه فيكم؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم الله في أنفسكم أن تهلكوها، فإني لا أرى الفتنة إلا وقد غلبت عليكم.
وخطبهم أبو أيوب الأنصاري فقال: عباد الله إنا وإياكم على الحال الأولى التي كنا عليها ليست بيننا وبينكم فرقة، فعلام تقاتلوننا؟ فقالوا: إن بايعناكم اليوم حكّمتم غدًا، فقال: إني أنشدكم الله لا تجعلوا فتنة العام مخافة ما يأتي في القابل قابل.
وأتاهم علي ﵁ فقال: أيتها العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاج وصدها عن الحق والهوى، وطمح بها، وأصبحت في الخطب العظيم. إني نذير لكم أن تصبحوا تلعنكم الأمة غدًا، صرعى بأثناء هذا النهر، وبأهضاب هذا الغائط، بغير بينة من ربكم ولا برهان مبين. ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة، ونبأتكم أنها مكيدة وأن القوم ليسوا بأصحاب دين، فعصيتموني. فلما فعلتم أخذت على الحكمين واستوثقت أن يحييا ما أحييا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب، فنبذنا أمرهما، فنحن على الأمر الأول، فمن أين أتيتم؟.
قالوا: إنا حكّمنا فلما حكّمنا أثمنا، وكنا بذلك كافرين، وقد تبنا فإن تبت فنحن معك ومنك، فإن أبيت فإنا منابذوك على سواء.
قال علي: أصابكم حاصب، ولا بقي منكم وابر، بعد إيماني برسول الله ﷺ وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.
وقيل: كان كلامه: يا هؤلاء إن أنفسكم قد سولت لكم فراقي بهذه
1 / 46