241

منهج الطالبين لخميس الرستاقي

منهج الطالبين

ژانرها

فلما ثبت أن الأجسام لا تخلو من الأعراض، وإنما تتعاقب على الأجسام، وهو حادث، وما لم يسبق الحادث؛ فهو حادث مثله؛ فإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى المحدث من المدركات الضرورية والله أعلم.

فصل:

والدليل على قدم كون الله كونه قبل المحدث؛ لأن المعني الحدث ما لم يكن ثم كان، ومعني القديم: ما كان بغير تكوين فهو الله سبحانه؛ لأنه كان، ولا شيء معه ثم كون الأشياء.

فلو لم يكن قديما؛ لكان محدثا مفتقرا إلي محدث يحدثه، وافتقر محدثه إلى محدث، وتسلسل ذلك إلى غير نهاية ، وما تسلسل لم يتحصل، وينتهي إلى محدث قديم، وذلك هو المطلوب الذي هو صانع الأشياء، وباريها، ومحدثها، وموجدها، والأول، والآخر، والظاهر، والباطن، وهو بكل شيء عليم.

والدليل على أ، لا نهاية لوجود الله تع إلي، ودوامه وذلك أنه لو انعدم؛ لكان لا يخلو: إما أن ينعدم بنفسه، أو ينعدم هو بغيره، فلو جاز أن ينعدم بشيء يتصور دوامه بنفسه لجاز أن يوجد شيء بنفسه، فكما يحتاج حدث الوجود إلى سبب فكذلك يحتاج حدث العدم إلى سبب، وباطل أن ينعدم بمعدم هو غيره؛ لأن لذك المعدم لو كان قديما لما تصور الوجود معه.

وقد ثبت بما قدمناه: أنه قديمن لا أول الوجوده؛ فكيف كان وجوده في العدم وحده، ومعه ضده؛ وإن كان الضد المعدم حادثا كان محالا؛ إذ ليس الحادث بمضادته القديم؛ حتى يقطع وجوده بأولي من القديم في مضادته الحادث بدفع وجوده، بل الدفع أهون من القطع، والقديم أقوي من الحادث، فثبت أنه لا آخر لوجوده، ولا نهاية لدوامه، وبالله التوفيق.

وأما الدليل بأنه ليس بجوهر، فنجيز أن كل جوهر متحيز؛ فهو مختص بتحييزه، ولا يخلو من أن يكون ساكنا فيه، أو متحركا عنه، والسكون والحركة حادثان؛ فما لا يخلو من الحوادث فهو حادث.

ولو تصور جوهر متحيز قديم لكان يعقل قدم جواهر العالم، وذلك محال فثبت أنه موجود قديم، وليس بجوهر، تعالي عن ذلك.

صفحه ۲۴۴