وروي ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال: لا حسد إلا في اثنين: "رجل آتاه الله ما لا، وسلط. في إنفاقه في الحق، ورجل آتاه الله علما: فهو يقضي به، ويعلمه الناس"، وقال "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين؛ يرفع الله بالعلم أقواما، ويجعلهم في الخير قادة، وأئمة تقتص آثارهم، وترفع أعمالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وكل رطب يابس يستغفر لهم؛ حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها والأرض وتخومها.
وقيل: سأل موسى عليه السلام ربه تبارك وتعالي: أي عبادك أعلم؟ قال: عالم لا يشبع من العلم، يجمع علم الناس إلى علمه، قال يا رب: أي عبادك أتقي؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسي أن يجد كلمة تهديه إلى هدي أو ترده عن ردي.
فصل:
وقيل: مثل العالم الذي يعلم الناس يريد به وجه الله تعالي - كمثل الشمس تضئ للناس ولا ينقص منها شئ، ويقال: إن العلماء غرباء لكثرة الجهال، وفي مناجاة موسى ربه جل وعلا: من دق قي الدين نظره جل في القيامة خطره، ومثل العالم مثل الريحانة؛ الحسن منظرها، الطيبة رائحتها تزداد طيبا بتقبيلك لها؛ كذلك العالم إن قارنته زانك، وإن سألته اقتبسك علما.
والعالم أكبر من الفقيه، والفقيه اسم مدح لا يستحقه إلا من كان به عاملا.
وقيل: مثل جليس الصدق كحامل الطيب؛ إن لم يصبك منه أصابك من عرفه، ومثل جليس السوء مثل السكير (يعني كير الحداد) إن لم يصبك شرره أصابك دخانه.
فصل:
صفحه ۲۶