منهاج المتقين في علم الكلام
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
ژانرها
لنا أنه تعالى حصل مريدا مع الجواز، والحال واحدة، والشرط واحد، فلا بد من أمر، وليس إلا ثبوت معنى على مثل طريقتنا في إثبات المعاني، وإنما يثبت لنا أنه حصل مريدا مع الجواز إذا أبطلنا أن يكون مريدا لذاته أو لمعنى قديم؛ لأنه الذي يشتبه الحال فيه، والذي يبطل ذلك أنه لو كان مريدا لذته أو بإرادة قديمة لوجب أن يكون مريدا لجميع المرادات بل لجميع ما يصح أن يراد، وهو محال إما انه كان يجب ذلك فلأنه لا اختصاص لذاته ولا للمعنى القديم ببعض ما يصح ان يراد دون بعض ككونه عالما لا ككونه قادرا؛ لأنه يستحيل مقدور بين قادرين، ولا يستحيل معلوم بين عالمين /130/ ولا مراد بين مريدين، وإما أن ذلك محال فلأنه لو اراد جميع ما يصح أن يراد لوقع لا سيما على مذهب الخصم في إنما يريده الله تعالى لا بد أن يقع، فكان يجب إذا أراد أحدنا شيئا أو صح أن يريده أن يقع لأنه مراد الله تعالى، وكان يلزم أن يكون مريدا للإيمان من الكافر والكفر من المؤمن؛ لأنه مما يصح أن يراد، وكان يلزم أن لا يكره الله شيئا قط؛ لأن كل ما يكرهه فهو مما يصح أن يراد، فكان يلزم أن يوجد الله أكثر مما أوجد وأكثر، وأكثر وقبل الوقت الذي أوجد فيه، وقيل: وقبل لصحة أن يريد ذلك، وليس يتأتى للخصم أن يقول أن الإرادة تتبع الداعي فلا يريد إلا ما دعاه إليه الداعي؛ لأن عنده أن الله يريد الكفر من الكافر ولا يدعوه إليه الداعي، وكان يلزم أن يكون الله تعالى مريدا للضدين لأنهما مما يصح أن يريدهما مريدان، ومريد واحد إذا اعتقد ارتفاع التضاد بينهما، وبهذا يبطل كون إرادتي الضدين ضدين فلا يقال أنه يكون بإرادتي الضدين حاصلا على صفتين ضدين، ومتى أراد الضدين فإما أن يوجدا معا وهو محال وإما أن لا يوجد واحد منهما وفيه تخلف مراده، وقد أراده وهو محال عندهم، وأما أن يوجد أحدهما ولا مخصص، فبهذا يبطل أن يكون تعالى مريدا لذاته أو بمعنى قديم، وإن كان جميع ما تقدم في إبطال المعاني القديمة يرد في إبطال الإرادة القديمة.
صفحه ۱۹۵