منهاج المتقين في علم الكلام
كتاب منهاج المتقين في علم الكلام(للقرشي)
ژانرها
وحاصل الكلام: إن كونها ذاتا ووجودها وصحة العلم بها على الانفراد قد علمناه بالخبر الأول، فلا بد أن نعلم بالخبر الثاني أمرا زائدا على ذلك وقولهم إن علمنا ثانيا تعلق بأنها ذات يخالف السواد غير صحيح؛ لأن المخالفة لا تعلم إلا باعتبار المخالف، ونحن نعلمه جوهرا، وإن لم نعلم ذاتا أخرى يخالفها الجوهر من سواد ولا غيره، وأيضا فالبياض يشارك الجوهر في كونه مخالفا للسواد، فكيف يكون معنى كونه جوهرا هو أنه ذات يخالف السواد، وكذلك قولهم أن معنى المخالفة هو أنها ذات يصح إدركاها بحاسة، والسواد هيئة يجمع الشعاع غير صحيح؛ لأن صحة إدراكه بحاستين يعتبر فيه الإدراك، والحاستين وكونه مخالفا للسواد لا يعتبر فيه ذلك للسواد يعتبر فيه السواد، وصحة إدراكه بحاستين لا يعتبر فيه ذلك؛ ولأن صحة إدراكه بحاستين أمر إثباتي، وكونه مخالف للسواد أمر سلبي إذ المرجع به إلى أنه لا يسد مسده عندنا، والمرجع به إلى أنه ليس كالسواد عندهم، وكما أن صحة إدراكه بحاستين ليس هي كونه مخالفا للسواد، فليست أيضا هي كونه جوهر المثل ما تقدم؛ ولأن عندهم كونه جوهرا هو نفس ذاته ومعلوم أن صحة إدراكه بحاستين ومخالفته لغيره، ونحو ذلك مزايا ثابتة له ومضافة إليه وليست كونه جوهرا. يوضحه أنهم فسروا كونه جوهرا بهذه الأشياء، ولم يفسروه بكونه ذاتا ولا بكونه جوهرا، وبعد فقد يعلم الجوهر جوهرا من لا يعلم مخالفته لغيره، وعلى الجملة مما لم يكن كونه جوهرا أو سوادا زائدا على ذاته لا يكون فرق بين علمنا أولا وبين علمنا ثانيا؛ لأن العلم الأول قد تعلق بنفس الذات ووجودها، فبماذا يتعلق علمنا ثانيا لولا أن هناك مزية؟
صفحه ۱۱۱