شرح النووي على صحيح مسلم
شرح النووي على صحيح مسلم
ناشر
دار إحياء التراث العربي
ویراست
الثانية
سال انتشار
١٣٩٢
محل انتشار
بيروت
أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ وَقَدْ حَصَلَ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اكْتَفَى بِالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ ﷺ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَعْرِفَةَ بِالدَّلِيلِ فَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهَذَا أَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِهَا التَّوَاتُرُ بِأَصْلِهَا وَالْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي أَوَّلِ الْإِيمَانِ وَاللَّهُ أعلم قوله (ثُمَّ قَرَأَ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بمسيطر) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ مَعْنَاهُ إِنَّمَا أَنْتَ وَاعِظٌ وَلَمْ يَكُنْ ﷺ أُمِرَ إِذْ ذَاكَ إِلَّا بِالتَّذْكِيرِ ثُمَّ أُمِرَ بَعْدُ بِالْقِتَالِ والمسيطر المسلط وقيل الجبار وقيل الرَّبُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِطُرُقِهِ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ وَجُمَلٍ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَأَنَا أُشِيرُ إِلَى أَطْرَافٍ مِنْهَا مُخْتَصَرَةٍ فَفِيهِ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى شَجَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ ﵁ وَتَقَدُّمِهِ فِي الشَّجَاعَةِ وَالْعِلْمِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ لِلْقِتَالِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَاسْتَنْبَطَ ﵁ مِنَ الْعِلْمِ بِدَقِيقِ نَظَرِهِ ورصانة فكره
1 / 211