============================================================
وأما الزهذ الذي هو غير مقدور للعبد: فهو برودة الشيء على قلب الزاهد(1).
ثم الزهذ الذي هو مقدور مقدمات للزهد الذي هو غير مقدور ، فإذا أتى به العبد؛ بألا يطلب ما ليس عنده من الذنيا ، ولأن] يفرق ما عنده منها، ويترك بالقلب إرادتها وأختيارها لأجل الله وعظيم ثوابه بتذكره لافاتها.. أورثته تلك برودة الأنيا على قلبه، وهلذا عندي هو الزهذ الحقيقي.
ثم أعلم : أن أصعب الأمور الثلاثة إنما هو ترك الإرادة بالقلب ؛ إذ كم من تارك لها بظاهره، محث مريد لها بباطنه، فهو في مكافحة ومقاساة من نفسه شديدة، والشان كله في هلذا ، ألم تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى : { تلك الدار الخرة نحصلها للذين لا يرييون علوا فى الأرض ولا فسادا) ؟ علق الحكم بنفي الإرادة ، دون الطلب والفعل للمراد.
وقوله تعالى : { من كاب يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثد ومن كاب يريد حرث الذنيا نؤتهه منها وما له فى الأخرة من تصيب) .
وقوله تعالى : { من كان يريد العاجلة عبلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) الآية وقوله : { ومن أراد اللخرة وسعن لها سعيها وهو مؤمن} الآية أما ترى الإشارة كلها إلى الإرادة ؟! فأمرها هو المهم إذن ، للكن العبد إذا واظب واستقام على الأمرين الأؤلين - أعني : الترك والتفريق - فمأمول من فضل الله سبحانه أن يوفقه لدفع هلذه الإرادة والاختيار عن قلبه؛ فإنه المتفضل الكريم عز وجل.
ثم الذي يبعث على الترك والتفريق ، ويهون عليك ذلك : ذكر آفات الذنيا وعيوبها، وقد أكثر الناس القول في ذلك، فمنه قول بعضهم : تركث الذنيا لقلة غنائها، وكثرة عنائها، وسرعةآ فنائها، وخسة شركائها.
صفحه ۶۷