============================================================
تا (في ذكر فوائد وتفصيلات تتعلق بتدبير الرزق] ثم أعلم بعد هذه الجملة : أني مجرد لك نكتا وجدتها ، بحيث تنكث في القلب إذا تذكرتها، وتكفيك مؤنة هذا الباب ، وتدغك على واضحة من الحق إن تأملتها وعملت بها ، والله سبحانه الموفق.
الأولى : أن تعلم أن الله تعالى ضمن رزقك في كتابه، وتكفل لك به ، فما تقول لو وعدك ملك من ملوك الدنيا أنه يضيفك الليلة ويعشيك وأنت حسن الظن به أنه صادق لا يكذب ، ولا يخلف الوعد؟ بل لو وعدك بذلك سوقي أو يهودي(1)، أو نصراني أو مجوسي، مستور عندك بظاهره، عفيف في معاملته.. ألست تثق بوعده ، وتطمئي بقوله، ولا تهتم لعشائك تلك الليلة أتكالا عليه ؟ فما لك وقد وعدك الله، وضمن لك رزقك وتكفل به ، بل أقسم عليه في غير موضع، وأنت لا تطمئي بوعده، ولا تسكن إلى قوله وضمانه، ولا تنظر إلى قسمه، بل يضطرب قلبك ويهتم ؟! فيا لها من فضيحة لو رأيت وبالها اويا لها من مصيبة لو علمت نكالها !
[من الطويل] وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : اتطلب رزق الله من عند غيره وتصبح من خوف العواقب آمنا وترضى بصراف وإن كان مشركا ضمينا ولا ترضى بربك ضامنا كأنك لم تقرا بما في كتابه فأصبحت منحول اليقين مباينا ؟!(2) ولهذا المعنى ينجو هذا الأمر إلى الشك والشبهة ، ويخاف على صاحبه - والعياذ بالله - سلب المعرفة والدين ، ولهلذا قال سبحانه : وعلى الله فتوكلوا إن كنتو ثومنين} وعلى الله فليستوكل المؤمثون)
صفحه ۱۸۴