وروينا عن أبي عمر بن عبد البر رحمه الله قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ، ثنا يحىى بن مالك بن عائد ، تنا ابو الحسن محمد بن محمد بن مقلة البغداي بمصر ، ثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد ، ثنا العكلي عن الحرمازي عن رجل من همدان قال : قال معاوية لضرار الصدائي : يا ضرار صف لي عليا قال : اعفني ياأمير المؤمنين قال : لتصفنهآ . قال أما إذ لابد من وصفه فكان والله : بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل ووحشته ، وكان غزير الدمعة طويل الفكرة ، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن . كان فينا كأحدنا ؛ يجيبنا إذا سألناه ، وينبئنا إذا استنبأناه ، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لانكاد نكلمه هيبة له . يعظم أهل الدين ، ويقرب المساكين ، لا يطمغ القوي في باطلهآ ، ولا ييأس الضعيف من عدله . وأشهد ؛ لقد رأيته في بعض مواقفه ، وقد آرخى الليل سدولة ، وغادرت نجومه ، قابضا على لحيته ، يتلمل تململ السليم (1) ويبكي بكاء الحزين ويقول : يادنيا غري غيري ، إلي تعرضت أم إلي تشوفت(2) ؟ هيهات هيهات! قد باينتك(2) ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير وخطرك حقير . آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق» .
فبكي معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن ، كان والله كذلك . فكيف حزنك عليه ياضرار قال : حزن من ذبح واحدها في حجرها .(12 .
صفحه ۱۸۷