============================================================
الحال، واعترضهم المحقق السيد الجرجاني، وتبعه المحقق الكافيجي وغيره بأن هذا غلط منهم، سببه اشتباه لفظ الحال عليهم؛ فإن الحال الذي تقربه (قد) حال الزمان، والحال المبين للهيئة حال الصفات، ولك رده بأنهما وإن تغايرا للكنهما متقاربان، كما هو شأن الحال وعاملها، وحينئذ لزم من تقريب الأولى تقريب الثانية المقاربة لها في الزمن، فتأمله فإنه مهم؛ إذ تغليط أولثك الأئمة الذين لا ينحصرون مع إمكان تأويل كلامهم تساهل: واقتصار الشارح على الأول بعيد كتخصيصه له بفاعل (ترقى) البعيد دون فاعل (يساووك) القريب وإن كان متحدا، والأول أولى؛ لما قدمته أن هلذه الجملة كالبرهان أو التعليل لما قبلها، كذا قيل، وفيه نظر؛ لأن الحالية تفيد ذلك هناك أيضا، على أنها الظاهر المتبادر.
(سنا) بالقصر؛ آي: ضوء عظيم ظاهر (منك) خصك الله به، وهو مجاز عن علوم القرآن المحيطة بعلوم الأولين والاخرين وغيرها التي اختصه الله بها، وأمره أن يسأله بأن يزيده منها ، وهلذا مقتبس من تسميته تعالى القرآن نورا في آيات كثيرة من كتابه، نحو: واتبعوا النور الذى أنزل معه}، وعما اختصه الله به من جمال الظاهر(1)، بما آتاه من الحسن في خلقه بما لم يلحقه فيه يوسف فضلأ عن غيره، كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، وفي خلقه بما أبان الله تعالى رفعته فيه إلى الغاية بقوله عز قائلا : وإنك لعلل خلق عظير}، وهلذا مقتبس من تسميته تعالى لنبيه نورا في نحو قوله : { قد جاء كم مرن الله نور وكتلب مبير*} : وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بأن الله تعالى يجعل كلا من حواسه وأعضائه وبدنه نور؟(2)؛ إظهارا لوقوع ذلك، وتفضل الله عليه به ليزداد شكره وشكر أمته على ذلك ، كما أنا أمرنا بالدعاء الذي في آخر (البقرة) مع وقوعه وتفضل الله به كذلك : ومما يؤيد أنه صلى الله عليه وسلم صار نورا: أنه كان إذا مشى في الشمس نهارا أو (1) قوله: (وعما اختصه..) معطوف على قوله قبل سطرين: (وهو مجاز عن.) (2) كما في حديث : "اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا...
أخرجه البخاري (1316)، ومسلم (763)، وغيرهما
صفحه ۲۰