من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية

ابن تیمیه d. 728 AH
67

من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية

من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية: «المسائل والأجوبة» (وفيها «جواب سؤال أهل الرحبة») لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية» للحافظ العلامة محمد بن عبد الهادي، مع «ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية» لمؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي

پژوهشگر

أبو عبد الله حسين بن عكاشة

ناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م

محل انتشار

القاهرة

وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، وَخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ»، وَفِي لَفْظٍ: «ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ»، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾. وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ وَقَدْ كَتَبَ ذَلِكَ، فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يَمُوتُ بِالْبَطْنِ أَوْ ذَاتِ الْجَنْبِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ الْغَرَقِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَهَذَا يَمُوتُ مَقْتُولًا إمَّا بِالسُّمِّ وَإِمَّا بِالسَّيْفِ وَإِمَّا بِالْحَجَرِ وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْقَتْلِ، وَعِلْمُ اللَّهِ ذَلِكَ وَكِتَابَتُهُ لَهُ - بَلْ مَشِيئَتُهُ لِكُلِّ شَيْءٍ، وَخَلْقُهُ لِكُلِّ شَيْءٍ - لَا يَمْنَعُ الْمَدْحَ وَالذَّمَّ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، بَلْ الْقَاتِلُ إنْ قَتَلَ قَتلًا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَثَابَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قَتَلَ قَتِيلًا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَفعلِ الْقُطَّاعِ وَالْمُعْتَدِينَ عَاقَبَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ قَتَلَ قَتلًا مُبَاحًا كَقَتلِ الْمُقْتَصِّ لَمْ يُثَبْ وَلَمْ يُعَاقَبْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ فِي أَحَدِهِمَا. وَالْأَجَلُ أَجَلَانِ: أَجَلٌ مُطْلَقٌ يَعْلَمُهُ اللَّهُ، وَأَجَلٌ مُقَيَّدٌ، وَبِهَذَا تَبَيَّن قَوْله ﷺ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجَلًا وَقَالَ: إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ كتب (١) كَذَا وَكَذَا. وَالْمَلَكُ لَا يَعْلَمُ أَيزادُ أَمْ لَا، ولَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ عَلَيْهِ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ. وَلَوْ لَمْ يُقْتَلْ الْمَقْتُولُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ إنَّهُ كَانَ يَعِيشُ، وَقَالَ بَعْضُ نفاة الْأَسْبَابِ إنَّهُ كان يَمُوت، وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ، فَإِنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ بِالْقَتْلِ، فَإِذَا قَدَّرَ خِلَافَ مَعْلُومِهِ كَانَ تَقْدِيرًا لِمَا لَا يَكُونُ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ؟ وَهَذَا قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْضُ

(١) في مجموع الفتاوى: (زدته).

1 / 116