116

من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية

من تراث شيخ الإسلام ابن تيمية: «المسائل والأجوبة» (وفيها «جواب سؤال أهل الرحبة») لشيخ الإسلام ابن تيمية، ومعه «اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية» للحافظ العلامة محمد بن عبد الهادي، مع «ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية» لمؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي

پژوهشگر

أبو عبد الله حسين بن عكاشة

ناشر

الفاروق الحديثة للطباعة والنشر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٢٥هـ - ٢٠٠٤م

محل انتشار

القاهرة

وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصحاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قَوْله تَعَالَى: ﴿الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ هُوَ الْحَبْلَ الْأَبْيَضَ مِنْ الْحَبْلِ الْأَسْوَدِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلًا ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَذَا مِنْ هَذَا، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ. وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَمَّارُ أَجْنَبَا فَلَمْ يُصَلِّ عُمَرُ حَتَّى أَدْرَكَ الْمَاءَ وَظَنَّ عَمَّارٌ أَنَّ التُّرَابَ يَصِلُ إلَى حَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ فَتَمَرَّغَ كَمَا تتَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، وَلَمْ يَأْمُرْ أحدًا مِنْهُما بِالْقَضَاءِ. وَكَذَلِكَ أَبُو ذَرٍّ بَقِيَ جُنُبًا مُدَّةً لَمْ يُصَلِّ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ بَلْ أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَاضَةُ قَالَتْ له: «إنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً منَعتنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ». فَأَمَرَهَا بِالصَّلَاةِ من (١) دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا بِقَضَاءِ ما تركت قبل ذلك. والله لما أمر باستقبال الكعبة كان من غاب من المسلمين يُصلون إلى بيت المقدس حتى بلغهم الخبر، ولم يأمرهم بالقضاء. وَلَمَّا حُرِّمَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ تَكَلَّمَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ السُّلَمِي فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ وَقَالَ لَهُ: «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ

(١) في مجموع الفتاوى: (زمن).

1 / 165