من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
ژانرها
كثيرون
يوشع أم هارون
وكل نبي له أساسه الصامت.
18
الإمام الأول بعده ستة أئمة. ودور محمد هو دور القرآن، خاتم الدائرات العظمى. فمحمد، خاتم الأنبياء، بعده القائم. ومحمد مثل باقي النطقاء لا يتميز بشيء. وواضح أيضا قبول الأئمة بعد عيسى مثل قبول الأئمة بعد محمد. شمعون الصفا (بطرس) بعد عيسى، وعلي بعد محمد. لكل ناطق صامت يكون قريبا منه وأساسا له مثل موسى وهارون . وفي كل دور اثنان صامت وناطق. الناطق ينسخ شريعة من قبله ويأتي بشريعة جديدة. والصامت ينسخ تأويل ما قبله ويأتي بتأويل جديد. (3) مراحل التاريخ
وتكرر نفس الأفكار من أجل التحول من تاريخ الأنبياء إلى فلسفة التاريخ مرة في سلسلة متصلة واحدة، ومرة متقطع دورا دورا. فهناك سبعة أدوار: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، والقائم. (أ) آدم
أهم الأنبياء كما يبدو ذلك من حجم الإشارة إليه وظهوره حتى في الفهرس في مقدمة الكتاب. هو أبو البرية. لم يكن هناك شيء قبله كما تدعي الهندوسية، ربما مرحلة الصفر قبل الآحاد ما دام العدد لا نهائيا من البداية والنهاية. آدم هو المختار والمستوفي وصاحب الاستحقاق. وآدم لا من أنثى ولا من ذكر، في حين أن عيسى من أنثى دون ذكر. هناك إعجاز في الخلق منذ البداية. تبدأ النبوة بآدم خليفة الله في الأرض، سيد الكون. دله على الأسماء، وأمره بالكشف عنها للملائكة. ضعف عزمه لما أضله ضده الذي استكبر على السجود. فكل شيء له ضد. وهو جدل الصراع بين الحق والباطل، ومن ثم ضرورة الجهاد. والأسماء ليست هي العلوم كما يقول علماء العامة، أهل العمى والتيه أو أسماء أئمة الحق وأئمة الجور كما يقول بعض علماء الشيعة، وإنما أسماء من اختص من عباده ليقيم عليهم الحجة البالغة. وقد تكون هي الأسماء التي علمها الله له، أي اللغة الإشارات إلى الطبيعة وإشارات الطبيعة له. وربما هي المعاني تأكيدا على دور العقل في فهم المعاني، علاقة الإنسان بالطبيعة كما فعل حي بن يقظان. وربما تكون هي الأسماء التسعة عشر التي تاب الله عليه والملائكة التي سجدت لآدم اثنا عشر. وهم في الستر. يتغيبون ويظهرون بغياب القائم وظهوره. وحروف النطقاء السبعة ثمانية وعشرون: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، والقائم، وكذلك حروف أسماء الأوصياء السبعة: شيث، وسام، وإسماعيل، ويوشع، وشمعون، وعلي، ومهدي. وأسماء الأئمة السبعة: علي، وحسن، وعلي، ومحمد، وجعفر، وإسماعيل، ومحمد. لم تكن له شريعة لأنه لم يكن هناك قوم بل كانت نبوته على الملائكة وكأن الملائكة مكلفون، لهم إرادات حرة تختار بها الحسن دون القبيح حتى تستحق الثواب دون العقاب. الملائكة مجبرة على الخير والطاعة وبالتالي الثواب. النبوة مرتبطة بالإنسان وليس بالملائكة أو بالطبيعة. العقيدة سابقة على الشريعة في الزمان والتاريخ. لذلك لم تكن لآدم شريعة. وأول من شرع هو نوح. يمكن للنظر أن يكتفي بذاته، حقيقة بلا شريعة، تصور بلا نظام. ويرمز آدم للغرب لأن الذي شرق غرب. والمغرب تسع ركعات. آدم يرمز للمغرب في حين أنه للفجر أولى، فجر النبوة. وقد يعني العشاء لأن منه تغشى الرحمة. بداية آدم الكشف الروحاني والجسماني. وآدم أول «الكلمة».
19
بعده ستة نطقاء وستة أوصياء، مد من حجة القائم سبعة أحرف. وكل ناطق والأئمة ستة حروف إلا محمد فإنه أربعة وعشرون حرفا. حجج القائم ثلاثة حروف ثم ستة وسبعون حرفا لحجج نوح وأئمته من دور آدم لأنه لم يكن له حجج ولا دعاة تسعة وعشرون حرفا لأياديه وحججه. وصعبت أيام دعوته من أجل هابيل. فمجموع الخلق وبدأ الحروف والأيادي 730 حرفا حدثت منها حروف الخلق إلى يوم القيامة وكشف الستر وظهور الكشف. فما هي هذه الحروف؟ وما دلالة العدد 730حرفا؟ هل هذا تفسير لنزول القرآن على سبعة أحرف؟ ليس الحرف هنا فقط حرف اللغة المقروء أو المسموع بل هو الطبيعة والكون، «الكلمة المتجسدة». ولماذا الاختلاف بالزيادة المتدرجة من ستة حتى ستة وسبعين؟ كل ذلك من سمات فكر المعارضة مقابل فكر السلطة، الغموض ضد الوضوح، الباطن ضد الظاهر، الخيال في مقابل الواقع، الوهم في مقابل الحقيقة.
هبط آدم وحواء وإبليس من الجنة إلى الأرض نتيجة لتفاعل الأضداد ولقيام الدعوة، من الصامت للبيان والهداية مثل آدم وحواء، وكلمتي الشهادة. وتعني التوبة الرجوع إلى الحالة التي افتقدها آدم، العودة إلى دور الستر، وانقضاء دور النطق وظهور القائم. لذلك أتت التوبة بعد السبع الطوال بإزاء الفاتحة. وقبول توبته بظهور القائم بعد مضي أدوار النطقاء. هناك رؤية مأساوية في حياة آدم وباقي الأنبياء تشبه وضع الشيعة النفسي كمجتمع المضطهدين: صراع الأضداد، ظهور الأوصياء والأئمة لاستمرار المقاومة، وانتصار القائم في التاريخ إن عاجلا أو آجلا. آدم أول جسماني عبد الله وأظهر أمره. وكان أعلم من الملائكة وأفضل منهم بالعلم الذي أطلعه الله عليه. لذلك وجب له سجود الملائكة. وهم حجج دور الكشف. وهم اثنا عشر، وأصحاب المراتب والمنازل. خرج عن طاعة إبليس وقابيل لحسده وتكبره على هابيل ظانا أنه يرقى منزلة آدم. فخالف أمره وعصاه. وأصحاب الفترات في دوره، برد مهلائيل ولاؤي. وواضح أثر الإسرائيليات في إطلاق الأسماء. أمره الله أن يسكن هو وزوجه الجنة. ووجه محبته، والجنة دعوته، والشجرة بيانه. عند البعض حد القائم الذي أراد آدم التطاول عليه. وعند البعض الآخر البر الذي لا يجوز كشفه لأهل دعوته وهو الأرجح. وتتدخل رمزية الألوان في التصوير، لما هبط آدم من الجنة مسخوطا كان أسود ثم أصبح أبيض لما تاب الله عليه تدريجيا على ثلاثة أيام، ثلثا كل يوم، تأكيدا على التطور والنماء. وقد كان الله قادرا على بياضه في يوم واحد بل وفي طرفة عين. فلكل مثل ممثول، ولكل ظاهر باطن. وهي رمزية مستمدة من القرآن في جدل الأبيض والأسود.
صفحه نامشخص