من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
ژانرها
وتشارك فرق الثنوية الديانات الأخرى في بعض العقائد والشعائر مثل أسماء الله والحج. إذ يذكر المسلمون والنصارى واليهود والمجوس والصابئة أسماء الله ويدعونه بها. ولكنهم عرفوا الظاهر دون الباطن، والاسم دون المعنى، والمثل دون الممثول. والحج في الإسلام قصد بيت الله الحرام مثل بيت المقدس عند اليهود والنصارى، وبيوت النيران عند المجوس، وهياكل الأصنام لعبدة الأوثان. والصيام عند المسلمين واليهود والنصارى والزمزمة للمجوس.
39
ويعترض السجستاني على هذه الديانات بأنها ديانات طبيعية وليست ديانات وحي ما دامت الحجة في الدين تبعية القوم الكثير لرؤساء الملل. ولا يعتبر السجستاني ماني وزرادشت وبها فريد ومزدك وديصان ومرقون وغيرهم أنبياء أو رسلا. بل هم من المتنبئين. لم يتنبهوا إلى شيء باستثناء زرادشت الذي وضع كتبا في عمارة هذا العالم يميل فيها إلى الشهوات الحسية، ويؤجر عليها صاحبها ويثاب. فإذا ما انتشرت هذه الدعوة أتت بالفضائح وأدت إليها. الرسالة إذن نوعان: نوع مخترع وكاذب ومبتدع مثل ديانات هؤلاء، ونوع صادق مثل دين الإسلام لولا أنه انحرف على أيدي أهل السنة وجاء الشيعة لتصحيحه. ديانات الطبيعة باطلة، وديانات الوحي حقة، وكأن الدين الطبيعي خال من العقل والفضيلة، والوحي نفسه يقوم على العقل والفطرة أي الطبيعة. في حين أن أهل السنة يضمون فلاسفة اليونان إلى زمرة الأنبياء
منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ،
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير . وإذا كان الفكر الفلسفي الشيعي نفسه يقوم على ثنائية الخير والشر، العدل والظلم، الشرعية والتسلط، الثورة والسلطان فلماذا إخراج أنبياء الشرق من زمرة الأنبياء كما أدخل أهل السنة فلاسفة الغرب في حظيرة الأنبياء؟
وتشارك فرق الثنوية، الزرادشتية، والمزدكية والبهافريدية والمانوية بعض فرق النصرانية مثل الديصانية والمرقونية في نفس النقد. فرؤساء هذه الفرق زرادشت وماني ومزدك وبهافريد وديصان ومرقيون قد اخترعوا لأنفسهم مللا وشرائع ألزموا الناس بها فصاروا لهم تابعين أكثر من تبعيتهم للدين. مأساة الدين رجاله. لا يوجد رسول من الله يطالب الناس أن يكونوا له تابعين لدرجة اشتقاق اسم الدين منه وكما يقول المستشرقون المعاصرون «المحمدية». لقد آمن عامة بلاد الصين ومانين بمذهب ماني، يتقربون به إلى الله، ويدرسون كتبه. وانتشر في سائر الجبال والبلاد مذهب زرادشت لعبادة النار. وسبب ذلك قانونا عاما ينطبق على جميع الحالات، وهو تفرع الملة الواحدة إلى مذاهب كثيرة، بعضها على حق والآخر على باطل. وينطبق نفس القانون على الإسلام عندما تفرعت ملة إبراهيم إلى مذاهب مثل اليهودية والنصرانية والإسلام. ومعيار الحق والباطل هو طلب الرئاسة وإضافة جزء إلى الدين لتبريره وهو ليس منه. حدث ذلك في المانوية والديصانية والمرقونية بإضافتهم إلى ما شرع المسيح بدعوى تجديد دين إبراهيم ودين المسيح. وينطبق أيضا على أحبار اليهود وفقهاء السلطان، وهو ما لاحظه الكندي من قبل في رسالته إلى المعتصم بالله في الفلسفة الأولى في نقده لرجال الدين الذين يدافعون عن مناصبهم المزورة في وضعهم تعارضا باطلا بين الفلسفة والدين. (ب) النصرانية
وتشمل اليهودية نظرا لأن النصرانية إكمال وإتمام لها. وتذكر بعض الأسماء مثل جرجس ويهوذا، ثم إصطفانوس ثم مثيانوس وفينان. ويستشهد السجستاني بالكتب المقدسة. التوراة والإنجيل، بتوجه القرآن والعودة إلى الأصول، ونظرا لوحدة الوحي وتصحيح مساره في التاريخ في المرحلة الأخيرة. كما يريد الشيعة تأصيل الحاضر في الماضي، والتعويض بتقدم التاريخ في الماضي عن انهياره وسقوطه في الحاضر، وإيجاد العمق التاريخي اللازم لتأييدهم ضد الاستيلاء على السلطة في الحاضر. ويستشهد بالإنجيل على تنزيه الله عن جلب المنفعة ودفع الضر عن نفسه إلا على سبيل المجاز، المنفعة والضرر للإنسان منفعة وضرر لله نظرا للتوحيد المعنوي بين الله والبشر. ويتم الاستشهاد بسفر أشعيا الذي تنبأ بقدوم المسيح راكبا الحمار مثل محمد راكبا البعير. ويبدو جمال الآيات في تقابل الإيجاب والسلب كما هو الحال في الطوباويات في طريق الإبداع الغني خاصة وأن النص ليس رواية تاريخية متواترة كما هو الحال في النص القرآني، من ترجمات عربية رصينة. ويشير إلى شريعة النصرانية مثل طقس العماد، وشريعة اليهودية مثل الختان حتى لا يطرأ الفساد على الحق عامة والنبوة خاصة. وكل شريعة خاصة بذاتها لا تضاف إلى شريعة أخرى. وإذا كانت النبوة متصلة فإن الشريعة منفصلة، وإذا كانت الأديان واحدة فإن الشرائع كثيرة. وقد تعني الشريعة معنيين عاما وخاصا. العام هو الدين المنزل كالتوراة والإنجيل والزبور، والخاص مثل الأوامر والنواهي.
40 (ج) الفرق الإسلامية
ويعني بها السجستاني فرق أهل السنة وحدهم. ومن الشخصيات الإسلامية تذكر فاطمة ثم خزيمة، وعبد الله بن سعيد، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله ميمون، ودحية الكلبي، وبنو العباس، ثم المعز لدين الله، وعمار، وحسام، وبرد، ويغوث، ونسرى من آلهة العرب. ومن الأماكن المحلية الغرب ثم مكة ثم اليمن، والشام، وبيت المقدس، ثم الطائف.
41
صفحه نامشخص