من النقل إلى الإبداع

حسن حنفی d. 1443 AH
158

من النقل إلى الإبداع

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص

ژانرها

وآية النور المشهورة عند الصوفية، يتم تقطيعها، وتطبيق كل عبارة منها على أحد الأتماء لتخريج المناط مجسما مع أن الآية صورة فنية واحدة لا تنطبق على أحد بعينه. ولا تضمن أحكاما بل تعطي دلالة عامة لكل موقف دون تعيين أشخاص. ولكن الضياع جعل حكماء الشيعة يقرءون أنفسهم اسما ووصفا في النص، وتترك باقي الآية بلا تفتيت ربما لصعوبة في إيجاد الشخص المطابق.

وفي التاريخ نفسه خارج الوعي التاريخي هناك خلاف بين الشيعة أنفسهم في ذرية الأئمة. أنكر البعض إمامة أولاد إسماعيل بالرغم من نص النبي عليها ولو ببعض التأويل. يعكس الفكر الفلسفي الشيعي الخلاف فيه، أهل الظاهر وأهل الباطن، العامة والخاصة، المعتدلون والمتطرفون. وحديث الذرية قد يوحي ببعض العرقية أو الشعوبية أو القبلية، يختلف فيه الناس على عكس اتفاقهم في العلم والفضل وباقي القيم الإنسانية العامة. قد تكون الأحاديث ضعيفة ولكنها تؤول طالما أنها تتفق مع المذهب وتؤيده. فالنص بصرف النظر عن صحته التاريخية يعطي الشرعية النفسية للأزمة السياسية والاجتماعية للمضطهدين. وكثير من الأحاديث التي يذكرها الشيعة ضعيفة أو موضوعة مثل الأحاديث عن الوصاية بعده ثلاثة منه وأربعة من غيره حتى يتم النطقاء إلى سبعة. بل يذكر البعض بالأسماء مثل سلمان وعلي.

34

ومع ذلك فإن نسق العقائد عند الشيعة أكثر ثورية من النسق الأشعري. ويعتمد في التوحيد والعدل على أصول الاعتزال. فالتشيع والاعتزال من عقائد المعارضة في مقابل عقائد الأموية. وقد انضم بعض المعتزلة إلى ثورات الأئمة ضد الحكم الأموي وتعاطفوا معهم، والصلة بين أبي حنيفة وجعفر الصادق، بين أهل الرأي والتشيع، صلة تاريخية وليست فقط ألفة فكرية. ربما كانت ثورة الشيعة أكثر فاعلية ضد السلطان من ثورة المعتزلة. فثورة الشيعة تجربة حية ودم، تهدف إلى تغيير نظام الحكم. في حين أن ثورة المعتزلة استنارة عقلية درءا لمخاطر المواقف المتطرفة، بحثا عن المنزلة بين المنزلتين. (5) تاريخ الأديان

ارتبط الفكر الشيعي بتاريخ الأديان المقارن نظرا لبحثه عن الأصول الأولى التي يمكن أن يستند إليها في مواجهة أهل السنة. فالأنبياء أقوى من الخلفاء والأمراء، والأئمة ورثة الأنبياء. وفي قصص الأنبياء وانتصارهم على خصومهم خير شاهد على انتصار أئمة آل البيت وهم من نسل الأنبياء على خصومهم في السلطة، مثل انتصار موسى على فرعون. وتاريخ الأنبياء يصب كله في غاية واحدة، انتصار الحق على الباطل، والعدل على الظلم في مقابل حديث «الفرقة الناجية» وجعل أهل السنة هم أهل الاستقامة والحديث، الفرقة الناجية وكما فعل السجستاني في «إثبات النبوات». ولا ينفصل تاريخ الأديان المقارن عن فلسفة الدين نظرا لأن جوهر الأديان واحد، ويرجع الخلاف بينها في التصورات واللغات وأشكال الشعائر وليس في التوحيد أو العدل، وهي الأصول العقلية التي يقوم عليها كل دين.

وقد لجأ الشيعة لتاريخ الأديان لعدة أسباب منها: (1)

البحث عن العمق التاريخي لزعزعة النظام السياسي الحاضر، في ثقافات الشعوب التي تحولت إلى الإسلام، اعتمادا على الثقافات الوطنية للشعوب، خاصة وأن الثقافة الوافدة كانت أحد عناصر ثقافة البلاط.

35

فلا يقوى على الحاضر إلا الماضي. ولا يزحزح النظام الاجتماعي إلا التراكم التاريخي. (2)

الحاجة إلى ثقافات جديدة تساعد على التأويل من أجل نزع الشرعية عن تأويل السلطة. وتاريخ الأديان أكبر رصيد لتأويلات الفرق ولتجارب الأمم السابقة. (3)

صفحه نامشخص