من النقل إلى الإبداع

حسن حنفی d. 1443 AH
151

من النقل إلى الإبداع

من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث

ژانرها

73

واشترط الإسكندر في المقول على الكل شرط الفعل كي يكون موجبا. وقد يكون في ذلك معذورا؛ لأن أرسطو أتى برسمه في أول كتاب القياس. ويبدد ابن رشد هذا الشك ويجد للإسكندر مخرجا؛ فهو القاضي والحكم. ولم يتعد ثاوفرسطس الظن في حين وصل ابن رشد إلى اليقين، نفس يقين أرسطو في تطابق جهات النتائج مع جهات المقدمات. ونظرا لاتساق مذهب أرسطو وإحالة الأجزاء إلى الكل، فإن موضوع جهات النتائج في المقاييس المختلطة يحيل إلى موضوع المقول على الكل.

74

وفي الموروث يتصدر الفارابي، ويحال إلى كتاب القياس له أيضا دون الاكتفاء بمجرد السماع أو الشهرة؛

75

فإذا تعادلت الإحالات إلى المصادر بين أرسطو والفارابي فإن الفارابي يتصدر الإسكندر. وقد اعترض الفارابي على معنى المقول على الكل عند أرسطو بأن القياس المركب من مقدمتين ممكنتين غير بين الإنتاج، ويحاجج ابن رشد الفارابي على مستوى ظاهر قول أرسطو، وعلى مستوى الموضوع نفسه، بأن شرط الإنتاج غير شرط النتيجة. ويستعمل ابن رشد لفظ «اللهم» كتعبير أدبي. ويبدأ المقال بالبسملة وطلب العون من الله، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد، وينتهي بطلب التوفيق للصواب برحمة الله.

76 (و) و«في المقدمة الوجودية أو المطلقة» يتصدر أرسطو، ثم الإسكندر، ثم ثاوفرسطس، ثم ثامسطيوس، ثم أوديموس. ويحال إلى كتابي «البرهان» و«القياس» لأرسطو. والفرق كلها يونانية، المفسرون، ثم متأخرو المفسرين وقدماء المشائين.

77

مرة يبدأ ابن رشد بالخلاف مع الشارح الذي أساء تأويل أرسطو، ومرة يبين موقف أرسطو ثم الخلاف مع الشارح، مرة من الخصم ومرة من النفس، ومرة من الآخر ومرة من الأنا، مرة من المتهم ومرة من المتهم. يزعم كل مفسر أن مذهبه مذهب أرسطو، فوقع الخلط بين الفرع والأصل، بل تم استبدال الفرع بالأصل؛ ومن ثم يكون مقال ابن رشد عودا إلى الأصول، وهو الأصولي الفقيه. ويحتج كل مفسر على أرسطو إما من جهة الأمر نفسه أي الموضوع، أو من كلام أرسطو. ويعيد ابن رشد دراسة الموضوع وينتهي إلى نتيجة مخالفة للمفسر، ويعيد تفسير كلام أرسطو، ويثبت سوء تأويل المفسر له. مرة يتجه ابن رشد إلى الشيء ومرة إلى القول، مرة يصحح الرؤية ومرة يصحح الشرح مستشهدا بنص أرسطو الأصلي. يعرض حجج الشراح وينتقدها حجة حتى تظهر صحة قول أرسطو المتفق مع صحة الرؤية المباشرة للموضوع، وهو منهج علمي يقوم على التحقق من صحة الفروض، وهي في هذه الحالة أقوال الشراح ومطابقتها مرة على الأصل، وهو نص أرسطو، ومرة على الفرع وهو الأمر نفسه، مرة في القول ومرة في الشيء نفسه. ويبين ابن رشد أسباب خطأ الشراح ، إما سوء فهم ألفاظ أرسطو؛ لذلك يورد ابن رشد نص أرسطو بألفاظه، أو عادة أرسطو في الاستعمال والاستبدال والنقل بين أشكال القضايا، أو تبعية الشراح بعضهم لبعض، والنقل عن بعضهم البعض، كما نقلوا عن الإسكندر. وينتهي ابن رشد إلى كشف الحقيقة، حقيقة الموضوع كما رآه أرسطو، وحقيقة قوله المطابق لرؤيته، وخطأ تأويل الشراح لقوله؛ لأنهم لم يروا الموضوع، واعتمدوا على شرح القول دون رؤية الشيء على الحجج النقلية دون العقلية، والنقل دون العقل ظن؛ لأنه يعتمد على اللغة ومنطقها، في حين أن البرهان نظر في الأشياء. ويحيل ابن رشد الجزء إلى الكل، والقياس إلى البرهان؛ فلا يفهم الجزء إلا في إطار الكل كما هو الحال في النص والسياق.

78

صفحه نامشخص