من النقل إلى الإبداع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٢) التأليف: تمثل الوافد - تمثل الوافد قبل تنظير الموروث - تمثل الوافد بعد تنظير الموروث
ژانرها
81
ربما بسبب وفرة المعلومات أو ندرتها، وربما للأهمية التاريخية، وربما لميول طائفية أو شعوبية ؛ إذ يبدو المؤلف شيعي الاتجاه فارسي الأصل، يدعو لأن يحرس الله الجماعة والأئمة.
وترد التواريخ كلها إلى التاريخ الهجري، وضعا لتواريخ الآخر من منظور الأنا، وقد كانت البدايات الأخرى إما خلق العالم ، أو نزول آدم على الأرض، أو تاريخ الإسكندر بعد أن تحول الإسكندر إلى مثال ونبي وإله وأمه قديسة. التاريخ الداخلي مقياس التاريخ الخارجي.
82
وقد كان التاريخ الهجري اقتراحا من عمر بن الخطاب.
وسبب التأليف معرفة أخبار الأمم السالفة وأنباء القرون الماضية وذكر بقايا آثارهم، ولا يمكن معرفة ذلك بالقياس على المحسوسات والاستدلال بالمعقولات، بل بالاعتماد على أهل الكتب والملل وأصحاب الآراء والنحل، ثم قياس هذه الآراء بعد تطهير النفس، وتخليصها من الأهواء والتعصب والتظاهر واتباع الهوى والتغالب بالرئاسة، وتنقية الروايات من الأباطيل، كما فعل ابن خلدون فيما بعد، وإبطالها بالحوادث الطبيعية، والابتداء بالأقرب والأشهر من الأمم، ومعرفة أخبارهم من مصادرها. ويبدو البيروني هنا على وعي تام بمنهج كتابة التاريخ.
ثم يتخصص التاريخ من التاريخ العام إلى التاريخ الخاص، من تاريخ الحضارات إلى تاريخ الأديان، كما فعل البيروني من قبل في «تحقيق ما للهند من مقولة»، ويركز على الديانات الشرقية، اليهودية والنصرانية والإسلام، وديانات فارس، المانوية والمجوسية والزرادشتية، بالإضافة إلى ذكر ديانات الصين ومصر وخوارزم؛ أي أواسط آسيا حيث انتشرت ديانات الهند، الهندوكية والبوذية. وتاريخ الأنبياء جزء من التاريخ المقارن للدين، ويعتمد على الكتب المقدسة؛ أي المصادر الأولى لمعرفة الديانات وترجماتها المختلفة.
ويعتمد على العقائد الإسلامية كمعيار لتاريخ الأديان؛ نظرا لأن القرآن مصدر تاريخي صحيح لم ينله التحريف أو التبديل كما نال باقي الكتب المقدسة؛ فالمسيح رفعه الله إليه، والاختلاف في أنسابه مثل أنساب آلهة اليونان واللاتين. وقد وصل سهم زرادشت إلى مناجاة الله بأمر الله وإرشاده. ويفيض البيروني في ذكر الآريوسية ورأيهم في المسيح القريب من رأي الإسلام والبعيد عما يقوله كافة النصارى، ويقارن بين العقائد النصرانية والكهنوت النصراني، والتشيع، ونشأة عقائد المضطهدين ومؤسساتهم.
ويبدو منهج البيروني في كتابة التاريخ في عدم الاعتماد على الدليل النصي؛ فتحديد وقت الصيام ليس بالنص بل بعلم الفلك،
83
صفحه نامشخص