از نقل تا ابداع (جلد اول نقل): (۱) تدوین: تاریخ - خواندن - سرقت ادبی
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
ژانرها
كما يصعب الإحصاء الكامل للأشخاص والتمايز بين المذاهب، وضرورة الاقتصار على كبار الحكماء: الكندي، والرازي، والفارابي، وابن سينا، وابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد. وهنا لا بد من ذكر الأسماء ابن سينا وابن رشد نموذجا، والمذاهب المشتقة منها مثل السينوية والرشدية. أما الفلسفة الإشراقية أو الفلسفة العقلية أو العلمية فهي اختيارات وتيارات عامة تضم أكثر من فيلسوف ومذهب.
ويتطلب المنهج التاريخي أيضا تحليل صورة علوم الحكمة عند مؤرخيها ومؤرخي العلوم الإسلامية، سواء في المصنفات أو تاريخ المصنفين أو تاريخ العلوم أو تاريخ الطبقات أو تاريخ المصطلحات أو تاريخ الأمم في إطار التحليل العام للنصوص وكسند للأحكام العلمية وليس كتحليل مستقل؛ فعلوم الحكمة وصف لرؤى العالم تظهر من خلال رؤى المؤرخين. أما التاريخ الصرف؛ أي الحوليات، فإنها موضوع لعلم خاص هو علم التاريخ كعلم إنساني مثل الجغرافيا واللغة والأدب. تحتوي على مواد من أخبار الحكماء تحتويها كتب الطبقات. أما التاريخ السياسي الاجتماعي الصرف كأساس لنشأة علوم الحكمة وتطورها فإنها مسلمة منهجية متضمنة، لا تظهر صراحة خشية الوقوع في الرد التاريخي. فلا علم إلا في مجتمع، ولا فكر إلا في واقع، ولا مذهب إلا ويعبر عن قوة سياسية واجتماعية، ولا تصور إلا وله محدداته وأطره في علم اجتماع المعرفة. والمنهج التاريخي العضوي يتجاوز مسلمات المنهج التاريخي التقليدي الشائع.
56
والمنهج البنيوي يدرس علوم الحكمة، ليس كشخصيات أو مذاهب متتالية في الزمان، بل كموضوعات مستقلة أو كرؤية تركيبية أو منظور كلي واحد للعالم؛ فالحكمة إما منطقية أو طبيعية أو إلهية. المنطق آلتها أو منهجها. وتشمل الحكمة الطبيعيات والإلهيات، العالم والله. ولما كان القول الطبيعي هو نفسه القول الإلهي بلغته وألفاظه وتصوراته ومفاهيمه عن الزمان والمكان والحركة والسكون، والعلة والمعلول، على نحوين مختلفين، مرة موجبا في الطبيعة، فالعالم ذو زمان ومكان وحركة وسكون وعلة ومعلول، ومرة سالبا في الله، فالله لا زمان ولا مكان ولا حركة ولا سكون فيه. هو قول واحد مرة متجها إلى أسفل نحو العالم، ومرة متجها إلى أعلى نحو الله، مرة سلبا ومرة إيجابا، مرة على نحو نسبي ومرة على نحو مطلق، مرة على نحو حسي مشاهد ومرة على نحو غيبي عقلي. أما النفس فمحاصرة بين الطبيعيات والإلهيات؛ في الطبيعيات مرتبطة بالبدن وبالقوى النامية والغاذية والمولدة والمحركة والحساسة، وفي الإلهيات مرتبطة بالعقل الفعال أو الكلي وبالعقل المستفاد والعقل بالفعل. فلا يوجد قول مستقل في الإنسان، بل هو قول أيضا مردود إلى أسفل نحو البدن في الطبيعيات أو إلى أعلى نحو النفس في الإلهيات. الطبيعيات إلهيات مقلوبة إلى أسفل، والإلهيات طبيعيات مقلوبة إلى أعلى.
57
ويمكن دراسة هذه الموضوعات مثل الفلسفة والدين أو العقل والوحي أو النفس وقوى العقل وأنواعه أو الأخلاق والسياسة عبر الفلاسفة؛ فالمهم هو الموضوع وليس الشخص في حضارة الأشخاص فيها يكشفون الموضوع ولا يخترعونه، يصفونه ولا يضعونه.
58
ويمكن دراسة الاتجاهات العامة لعلوم الحكمة مثل العقلانية (الكندي، والرازي، وابن رشد) والإشراقية (الفارابي، وابن سينا، وابن طفيل)، كما يمكن دراسة التفكير الجماعي، بقايا الفرق الكلامية (إخوان الصفا)، ويمكن أيضا التمايز بين المدارس طبقا للمدن (بغداد، والبصرة)، أو طبقا للصقع الجغرافي (المشرق، والمغرب).
وميزة هذا المنهج اكتشاف البنيات الذهنية والموضوعية المستقلة عن الأشخاص والمذاهب وحوادث التاريخ وتطوره. يتعامل مع علوم الحكمة باعتبارها علوما مستقلة لها يقينها ووسائل التحقق من صدقها في داخل أنساقها. علوم الحكمة علوم مستقلة عن أشخاص واضعيها. التوجه نحو الطبيعة مستقل عن شخص الكندي أو الرازي أو البيروني، بل هو توجه حضاري أساسا نشأ بدافع من توجيه الوحي للذهن نحو الطبيعة. والمنطق آلة للعلوم وسابق على الطبيعات والإلهيات. أيضا لا شأن له بأشخاص الفلاسفة لأن موضوعات الحكمة ثلاثة: الإنسان والطبيعة والله، بصرف النظر عن ترتيبها، موجودة في كل حضارة بصرف النظر عن خصوصيتها، في اليونانية: سقراط (الإنسان)، أفلاطون (الله)، أرسطو (الطبيعة). وفي الغربية في العصور الوسطى: أوغسطين (الإنسان)، أنسيلم، بونافنتورا (الله)، توما الأكويني (الطبيعة). وفي العصور الحديثة: ديكارت (الإنسان)، هيجل (الله)، ماركس، فيورباخ (الطبيعة). وهي التي جعلها كانط مثل العقل الثلاثة.
59
صفحه نامشخص