از نقل تا ابداع (جلد اول نقل): (۱) تدوین: تاریخ - خواندن - سرقت ادبی
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (١) التدوين: التاريخ – القراءة – الانتحال
ژانرها
8
وهناك إحساس بتقدم الزمان عند المؤرخين والحديث عن القدماء والمحدثين.
9
ومع هذا الإحساس بالتاريخ وبالتقدم هناك فلسفة واحدة هي الفلسفة الخالدة، عبر عنها جميع القدماء والمحدثين، كل منهم كشف عن جانب منها هي فلسفة الأخلاق أو فلسفة الروح أو فلسفة الإشراق. وهي فلسفة مضادة لفلسفة اللذة والجسد، لا فرق فيها بين يوناني وفارسي وهندي وبابلي وسرياني وعربي ويهودي أو نصراني أو إسلامي، مترجم أو مؤلف، قديم أو حديث.
والسؤال الآن: هل أسلمة التاريخ تتم من مؤرخين إشراقيين فحسب، أم أنها منهج تدوين الحضارة لتاريخها بصرف النظر عن المؤرخين، وأن الخلاف بين المؤرخين في الدرجة لا في النوع، بين الأقل مثل تواريخ أسماء الأعلام والأكثر مثل الشهرزوري، بين المؤرخين والفلاسفة؟ قد يكون للمؤرخ صاحب المذهب قدرة على تجاوز التاريخ إلى القراءة لأنه صاحب موقف مثل الشهرزوري. ولما كان بعض المؤرخين من الشيعة فإن تواريخهم أتت أقرب إلى القراءة والتأويل منها إلى التاريخ السردي. لذلك قسم الشهرزوري «نزهة الأرواح» إلى قسمين أو روايتين؛ أولا التاريخ الموضوعي، وثانيا القراءة والتأويل.
وللمؤرخين قراءتهم الإشراقية للفلسفة اليونانية، لا فرق في ذلك بين أفلاطون وأرسطو، كما يفعل طاش كبري زاده. فأرسطو بالرغم من عقلانيته إلا أن التصوف غالب عليه في حياته الخاصة. وقد فضل أرسطو التدوين بعد أن كان مضنونا به على غير أهله. والفلسفة للخاصة والصفوة في الحكم ولأبناء السلاطين. واستعمل الرمز للتخفي. ووضع المنطق آلة العلوم. الفلسفة متوارثة وكأنها نحلة صوفية.
10
وتبدلت أحوال الفلسفة عبر العصور من حلم المأمون بترجمة كتب أرسطو إلى فتاوى ابن الصلاح في تكفير الفلاسفة، من شراء كتب القدماء بالذهب وزنا إلى رفضها هبة وعطاء، لا فرق بين كتب اليونان وفارس والهند. ويشارك البيروني في هذه الرؤية الفقهية المتراجعة في الهجوم على ابن المقفع واتهامه بالزندقة والتشكك في الواحد الأول من جهة التعديل والتجوير والميل إلى الوثنية والتعاطف مع ماني والالتفات حوله ومقالاته أقرب إلى التمويه والجهالات في هيئة العام.
11
وقد تكون البواعث على القراءة، التعبير عن الموروث بصيغة الوافد، وتقديم الوافد بلغة الموروث إذا كانت تصورات الوافد تبدو معارضة لتصورات الموروث أو معطيات الموروث التقليدية معارضة لقوالب الوافد الحديثة. وقد تكون إحدى آليات التخفي، الخوف من عرض الأفكار الوثنية الخالصة في بيئة دينية. ومن ثم تتم أسلمتها أولا حتى يمكن قبولها والتعامل معها. وقد يكون الهدف من أنصار اليونان الترويج للوافد باستعمال آليات الموروث، والتعبير عن سقراط وأفلاطون وأرسطو بلغة القرآن والحديث حتى يتم قبوله وابتلاعه. فالموروث إحدى قنوات ابتلاع الوافد، الطعم الذي تقبل به الثقافة التقليدية الثقافات الوافدة. وقد يكون الدافع هو نقد الاتجاهات المحافظة في الداخل واستعمال الوافد أداة لتطوير الداخل. وهو وافد قريب من الموروث وليس بعيدا عنه. لذلك تتم أسلمته أولا حتى يصبح سهل الازدراد. وقد يكون الدافع على القراءة التحول من الفلسفة النظرية إلى الفلسفة العملية، وهو ما يتفق مع مسار الحضارة الإسلامية حيث يقل التاريخ وتكثر القراءة في تطور علوم الحكمة.
صفحه نامشخص