من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
ژانرها
حسن حنفي
الفصل الأول
التفسير
أولا: الشرح: التفسير والتلخيص والجوامع
(1) الأنواع الأدبية الثلاثة
بالرغم أنه يمكن استعمال لفظي «الشرح» والتفسير على التبادل فقد استعمل الحكماء نفس المعنى تقريبا. فضل الفارابي لفظ «شرح» في «شرح العبارة»، وابن سينا في الجزء المتبقي من «شرح البرهان » بالرغم من صمت ابن سينا عن مصادره والانتقال مباشرة إلى العرض والتأليف وربما الإبداع، وكذلك فضل ابن باجه نفس اللفظ في «شرح السماع الطبيعي».
وفضل ابن رشد نفس اللفظ في «شرح البرهان» بالرغم من تغييره إلى لفظ تفسير في «تفسير بعد الطبيعة». وللفارابي تفسير كتاب المدخالحال في الأسلوبيةل. ويمكن المقارنة بين البداية عند الفارابي والنهاية عند ابن رشد لمعرفة الفرق بينهما بعد حوالي مائتي عام. هل هناك عملية حضارية واحدة بالرغم من اختلاف العصر من بداية الوافد للتعرف والإعلان إلى نهايته للتصحيح والختام؟
وتبدو أحيانا الأمثلة واحدة عند الحكيمين. فهل اطلع ابن رشد على شرح العبارة للفارابي أم هي عمليات حضارية واحدة لها استقلالها الموضوعي وليست مجرد توارد خواطر؟ هل بدأت علوم الحكمة بالتلخيص والتأليف في الوافد قبل العودة إلى الشرح والتلخيص من جديد عند ابن رشد بالمعنى العام الذي يضم الشرح بالمعنى الخاص أو التفسير والتلخيص والجامع؟ يعني الشرح هنا التأويل والتفسير وليس مجرد قول شارح.
1
وقد تم اختيار لفظ «الشرح» عنوانا للباب كله، ولفظ التفسير عنوانا للفصل الأول نظرا لأهمية «تفسير ما بعد الطبيعة» لابن رشد مع أنه كان من الممكن العكس واستعمال لفظ «التفسير» للباب كله الذي يشمل أيضا التلخيص والجوامع، واستعمال لفظ «الشرح» للفصل الأول. ويبدو أن هذه المصطلحات ليست كلها من وضع الحكماء بل من وضع النساخ والوراقين، ولا تدل على نوع أدبي جامع مانع. تتداخل فيما بينها وتتشابك. وتهدف جميعها إلى نفس الغرض، تمثل الوافد واحتواءه قبل إعادة عرضه والإبداع فيه وتجاوزه، ولكن لفظ «الشرح» هو الأكثر شيوعا. والتفسير لفظ مستمد من العلوم النقلية، علم التفسير، مما يدل على اعتماد صياغات الأنواع الأدبية في علوم الحكمة على الموروث قدر اعتمادها على الوافد. وقد استمر لفظ «الشرح» في التراث القديم شرحا للموروث بعد أن توقف الوافد حتى لقد أصبح الشرح عنوانا لعصر بأكمله، عصر الشروح والمصطلحات، العصر المملوكي حتى قبيل الإصلاح الديني الحديث أو بلغة العصر فجر النهضة العربية. وأصبحت هذه الأنواع الأدبية الثلاثة هي معيار تقسيم الشروح حتى قبل ابن رشد.
صفحه نامشخص