از نقل تا خلاقیت (جلد اول نقل): (۲) متن: ترجمه – اصطلاح – توضیح
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٢) النص: الترجمة – المصطلح – التعليق
ژانرها
4
والشارح اليوناني له فضل السبق في التاريخ؛ فهو أكثر التصاقا بالحضارة اليونانية كبيئة ثقافية تاريخية. ومع ذلك قد يفوقه الشارح الإسلامي عقلا ومقدرة، على فهم معنى النص من حضارة إلى أخرى أكثر عقلانية واكتمالا. وقد يكون الوعي المطابق بين الشارح وموضوعه أقل قدرة على الشرح من الوعي المغاير؛ نظرا لعدم وجود مسافة كافية في الحالة الأولى تكفي للرؤية عن بعد وتوفرها في الحالة الثانية. وهو حال الوعي العربي الآن في التعامل مع الحضارة الغربية، وقدرته على الحكم عليها أكثر من الوعي الأوروبي نفسه؛ نظرا للتمايز الكافي بين الذات العارفة وموضوع المعرفة. وإن ترجمة الشروح أيضا إنما تدل على احترام النص، وكل ما قيل حوله كتراث نصي له، والاستفادة منه في استقرار المعنى. ويعتمد الشراح اليونان على بعضهم البعض، مثل اعتماد ثامسطيوس على شروح أندرونيقوس والإسكندر وفرفوريوس. وقد يقوم الشراح المسلمون بشرح الشراح اليونان شرحا أو تأليفا.
5
ولم تكن الترجمة لنصوص أرسطو وحدها بل أيضا لبعض شروحها، مثل شرح ثامسطيوس لكتاب النفس لأرسطو. وهنا يزدوج النقل الحضاري، من النص اليوناني إلى الشرح اليوناني لثامسطيوس، ومن الشرح اليوناني إلى النقل العربي لإسحاق بن حنين؛ فقد يقوم حنين بنقل شرح ثامسطيوس بكل ما فيه من قراءة للنص الأرسطي، وقد يقوم بإسقاط هذه القراءة عودا إلى النص الأرسطي. وقد يقوم بإسقاط هذه القراءة عودا إلى النص الأصلي، ثم نقلا له مباشرة من منظور الحضارة الإسلامية. وقد يكون مقدار النقل الحضاري لثاسطيوس أقل بكثير من مقدار النقل الحضاري لإسحاق، الأول نقل إلى الداخل؛ فالمسافة بين المقروء والقراءة ليست كبيرة، والثاني نقل إلى الخارج؛ فالمسافة بين المقروء والقارئ بعيدة. قد يبدو الشرح الداخل أحيانا غير دال، لغويا صرفا، «موضوعيا». في حين أن الشرح الخارجي قد يبدو ممثلا للنقل الحضاري؛ لأن النص ينتقل من حضارة إلى أخرى. الشرح داخل الحضارة يكون أقل دلالة؛ لأن منظور النص هو منظور الشرح، والخلاف بين المنظورين في الدرجة وليس في النوع. في حين أن الشرح من خارج الحضارة يكون أكثر دلالة؛ لأن منظور الشرح غير منظور النص، والخلاف بين المنظورين في النوع وليس في الدرجة. الشرح من داخل الحضارة أقرب إلى منظور المؤلف، والشرح من خارج الحضارة أقرب إلى منظور الشارح باعتباره مؤلفا ثانيا. وإذا كانت هناك عمليات حضارية داخل الحضارة، فلا يدركها إلا اليوناني الذي يعيش عصر الشرح، أو غير اليوناني الذي يعرف منطق الشرح في حضارته وحضارات الآخرين. وبطبيعة الحال تختلف الترجمة العربية عن الشرح اليوناني، كما يختلف كلاهما عن النص اليوناني؛ لأن الترجمة العربية أقرب إلى الشرح أو التلخيص للشرح منها إلى الترجمة المطابقة؛ لذلك أتت تعليقات الناشر غير دالة على منطق النقل الحضاري.
6
ويظهر مستوى النقل الحضاري للترجمة العربية لشرح ثامسطيوس على كتاب النفس لأرسطو، من مستوى العقل الخالص إلى مستوى العقل الإلهي. ويظهر لفظ الله من منظور المترجم العربي بكل ألقابه مثل «تعالى » أو أسمائه «مثل الصانع» وإدخال العقلي الخالص في إطار العقل الإلهي. وتتحدث الترجمة العربية للشرح اليوناني عن أفعاله تعالى وعلمه تعالى، وعدم جواز الجهل عليه (أبنادقليس)، ووجوده في كل مكان (زينون). وهو أيضا الصانع يحتوي على أي معقولات شاء ويخلقها؛ فالله هو الموجودات وهو المنعم بها. وليس الله هو العقل الفعال الأول، بالرغم من أنه غير مائت أبدي، المحرك للأجرام السماوية.
7
والعقل شيء إلهي غير منفصل كما نادى بذلك أرسطو، جوهره وفعله شيء واحد غير مائت مفارق، والطبائع إلهية والأمر إلهي، والمثال إلهي والجسم إلهي، وأفلاطون إلهي، ويعني لفظ إلهي هنا العظيم المبجل. والعقل الإلهي المفارق لا يعقل شيئا من الأمور المشوبة بالهيولى، كما أن العقل الهيولاني لا يعقل شيئا من الأمور المفارقة،
8
بل ويظهر الله في الأسلوب في تعبير «اللهم»، كما يظهر في فواتيح كل مقالة بالبسملة والحمدلة، سواء كان ذلك من الشارح أو الناسخ أو القارئ،
صفحه نامشخص