نوادر الرسائل (٩ - ١٠)
حديث الإفك
ويليه
-[من مناقب النساء الصحابيات]-
تأليف
الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي
المتوفى سنة (٦٠٠ هـ)
عني بتحقيقهما
إبراهيم صالح
دار البشائر
الطبعة الأولى
١٩٩٤ م
صفحه نامشخص
من مناقب النساء الصحابيات
تأليف
الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي المقدسي
فيه
صفية عمة النَّبِيِّ ﷺ
وأم عمارة
1 / 51
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلا حَوْلَ وَلا قَوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ
صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأُمُّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ ﵂
١ - أَخْبَرَنَا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّلَفِيُّ، أَنْبَأَ الشَّرِيفُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ.
(ح) وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَ أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ الْمُعَدَّلُ، قَالا: أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسَانَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيُّ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهَا جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ، قَالَتْ:
" لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أُحِدٍ أَوِ الْخَنْدَقِ جَعَلَ نِسَاءَهُ فِي ⦗٥٤⦘ أُطُمٍ يُقَالُ لَهُ: فَارِع عِنْدَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلَ مَعَهُنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، فَجَاءَتِ الْيَهُودُ يَبْتَغُونَ غِرَّةَ نِسَاءِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَتْ: فَتَرَّقَى يَهُودِيٌّ مِنْهُمْ فِي الأُطُمِ حَتَّى أَطَلَّ عَلَيْنَا فِيهِ، فَقُلْتُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: قُمْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ: مَا ذَلِكَ فِيَّ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيَّ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: فَارْبِطْ عَلَى ذِرَاعِي السَّيْفَ، قَالَتْ: فَرَبَطَهُ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَضَرَبْتُ رَأْسَهُ حَتَّى قَطَّعْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِرْمِ بِهِ عَلَى الْيَهُودِ فِي أَسْفَلٍ، قَالَ: مَا ذَلِكَ فِيَّ.
قَالَتْ: فَأَخَذْتُهُ فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ، فَتَفَرَّقُوا وَهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ ظَنَنَّا أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكْ أَهْلَهُ خَلُوفًا لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ.
قَالَتْ: وَكَانَ يَنْظُرُ إِلَى النَّبِي ﷺ إِذَا شَدَّ عَلَى الْكُفَّارِ يَشُدُّ مَعَهُ، وَهُوَ مَعَنَا فِي الْحِصْنِ، وَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ رَجَعَ وَرَاءَهُ فِي الْحِصْنِ.
قَالَتْ: فَمَرَّ بِنَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، وَقَدْ كَانَ مُعْرِسًا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ، وَيَقُولُ:
مَهِّلْ قَلِيلا يُدْرَكُ الْهَيْجَا حَمَلُ ... لا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلُ
1 / 53
٢ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ النَّقُّورِ البَّزَّازُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيُوسُفِيُّ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ ⦗٥٥⦘ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَنْبَأَ عَمِّي أَبُو طَاهِرٍ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبِي الزُّبَيْرِ ﵁: " أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ تَسْعَى حَتَّى كَادَتْ أَنْ تُشْرِفَ عَلَى الْقَتْلَى.
قَالَ: فَكَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تَرَاهُمْ، فَقَالَ: " الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةُ ".
قَالَ الزُّبَيْرُ: فَتَوَسَّمْتُ أَنَّهَا أُمِّي صَفِيَّةُ، قَالَ: فَخَرَجْتُ أَسْعَى إِلَيْهَا، فَأَدْرَكْتُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْتَهِي إِلَى الْقَتْلَى. قَالَ: فَلَدَمَتْ فِي صَدْرِي - وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَلِدَةٌ - قَالَتْ: إِلَيْكَ، لا أَرْضَ لَكَ. قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَزَمَ عَلَيْكِ. قَالَ: فَوَقَفَتْ، وَأَخْرَجَتْ ثَوْبَيْنِ مَعَهَا، فَقَالَتْ: هَذَانِ ثَوْبَانِ، جِئْتُ بِهِمَا لأَخِي حَمْزَةَ، فَقَدْ بَلَغَنِي مَقْتَلُهُ، فَكَفِّنُوهُ فِيهِمَا.
قَالَ: فَجِئْنَا بِالثَّوْبَيْنِ لِنُكَفِّنَ فِيهِمَا حَمْزَةَ، فَإِذَا إِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ قَتِيلٌ، قَدْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِحَمْزَةَ.
قَالَ: فَوَجَدْنَا غَضَاضَةً وَحَيَاءً أَنْ نُكَفِّنَ حَمْزَةَ فِي ثَوْبَيْنِ وَالأَنْصَارِيُّ لا كَفَن لَهُ، فَقُلْنَا: لِحَمْزَةَ ثَوْبٌ، وَلِلأَنْصَارِيِّ ثَوْبٌ، فَقَدَّرْنَاهُمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ.
⦗٥٦⦘ قَالَ: فَأَقْرَعْنَا بَيْنَهُمَا، فَكَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي صَارَ لَهُ ".
1 / 54
أُمُّ عُمَارَةَ، نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ
١ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، يَقُولُ:
" شَهِدْتُ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ دَنَوْتُ أَنَا وَأُمِّي نَذُبُّ عَنْهُ، قَالَ: " ابْنُ أُمِّ عُمَارَةَ؟ ".
قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " ارْمِ "، فَرَمَيْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلا مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِحَجَرٍ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ، فَأَصَبْتُ عَيْنَ الْفَرَسِ، فَاضْطَرَبَ الْفَرَسُ حَتَّى وَقَعَ صَاحِبُهُ، وَجَعَلْتُ أَعْلُوهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى نَضَّدْتُ عَلَيْهِ مِنْهَا وَقْرًا، وَالنَّبِيُّ ﷺ يَتبسمُ، وَنَظَرَ إِلَى جُرْحٍ بِأُمِّي عَلَى عَاتِقِهَا، فَقَالَ: " أُمُّكَ، أُمُّكَ، أَعْصِبْ جُرْحَهَا، بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، مَقَامُ أُمِّكَ خَيْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلانٍ وَفُلانٍ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَهْلَ الْبَيْتِ، وَمَقَامُ رَبِيبِكَ يَعْنِي زَوْجَ أُمِّهِ، خَيْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلانٍ وَفُلانٍ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَهْلَ الْبَيْتِ ".
قَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أن نُرَافِقُكَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلُهُمْ رُفَقَائِي فِي الْجَنَّةِ.
فَقَالَتْ: مَا أُبَالِي مَا أَصَابَنِي مِنَ الدُّنْيَا.
1 / 56
٢ - [وَبِهِ]، يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ ضُمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِمُرُوطٍ، فَكَانَ فِيهَا مِرْطٌ جَيِّدٌ وَاسِعٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ هَذَا الْمِرْطَ لَثَمَنُ كَذَا وَكَذَا، فَلَوْ أَرْسَلْتَ بِهِ إِلَى زَوْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَذَلِكَ حِدْثَانُ مَا دَخَلَتْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: ابْعَثْ بِهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْهَا، أُمُّ عُمَارَةَ نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ يَوْمَ أُحِدٍ: " مَا الْتَفَتُّ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا وَأَنَا أَرَاهَا تُقَاتِلُ دُونِي ".
٣ - وَبِهِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى لِبَنِي الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: " جُرِحَتْ أُمُّ عُمَارَةَ بِأُحُدٍ اثْنَا عَشْرَ جُرْحًا، وَقُطِعَتْ يَدُهَا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سِوَى يَدِهَا أَحَدَ عَشَرَ جُرْحًا، فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ وَبِهَا الْجِرَاحَةُ، فَلَقَدْ رُئِيَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتِيهَا يَسْأَلُ عَنْهَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ. قَالَ: تَزَوَّجَتْ ثَلاثَةً كُلَّهُمْ لَهُمْ مِنْهَا وَلَدٌ، تَزَوَّجَتْ غَزِيَّةَ بْنَ عَمْرٍو الْمَازِنِيِّ، لَهَا مِنْهُ تَمِيمُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَتَزَوَّجَتْ زَيْدَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ كَعْبٍ الْمَازِنِيِّ، فَلَهَا مِنْهُ حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ الَّذِي قَطَّعَهُ مُسَيْلَمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قُتِلَ بِالْحِرَّةِ، وَالثَّالِثُ نَسِيتُهُ [وَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَمْ يُعَقِبْ] ".
٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الدَّلالُ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٥٨⦘ شُجَاعٍ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: قَالُوا: " وَكَانَتْ نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمِّ عُمَارَةَ، وَهِيَ امْرَأَةُ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرٍو، شَهِدَتْ أُحُدًا وَزَوْجُهَا وَابْنَاهَا، وَخَرَجَتْ مَعَهَا بِشَنٍّ لَهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ تُرِيدُ أَنْ تَسْقِي الْجَرْحَى، فَقَاتَلَتْ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي: يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَبْلَتْ بَلاءً حَسَنًا، فَجُرِحَتِ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحًا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ. وَكَانَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، تَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، حَدِّثِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ: " خَرَجْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى أُحُدٍ وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، وَالدَّوْلَةُ وَالرِّيحُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ انْحَزْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَعَلْتُ أُبَاشِرُ الْقِتَالَ، وَأَذِبُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسَّيْفِ، وَأَرْمِي بِالْقَوْسِ، حَتَّى خَلَصَتْ إِلَيَّ الْجِرَاحُ، فَرَأَيْتُ عَلَى عَاتِقِهَا جُرْحًا لَهُ غَوْرٌ أَجْوَفٌ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّ عُمَارَةَ، مِنْ أَصَابَكِ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أَقْبَلَ ابْنُ قَمِئَةَ وَقَدْ وَلَّى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَصِيحُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَاعْتَرَضَ لَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأُنَاس مَعَهُ، فَكُنْتُ فِيهِمْ، فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ، وَلَقَدْ ضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرَبَاتٍ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ. قُلْتُ: يَدُكِ مَا أَصَابَهَا؟ قَالَتْ: أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، لَمَّا جَعَلْتُ الأَعْرَابَ يَنْهَزِمُونَ بِالنَّاسِ، نَادَتِ الأَنْصَارُ: أَخْلِصُونَا، فَأَخْلَصْتُ الأَنْصَارَ فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَدِيقَةِ الْمَوْتِ فَاقْتَتَلْنَا عَلَيْهَا سَاعَةً، حَتَّى قُتِلَ أَبُو دُجَانَةَ عَلَى بَابِ الْحَدِيقَةِ، وَدَخَلْتُهَا وَأَنَا أُرِيدُ عَدُوَّ اللَّهِ مُسَيْلَمَةَ، فَتَعَرَّضَ لِي رَجُلٌ مِنْهُمْ ⦗٥٩⦘ فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ لِي نَاهِيَةٌ، وَ[لا عَرَّجْتُ عَلَيْهَا] حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى الْخَبِيثِ مَقْتُولا، وَابْنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِثِيَابِهِ، فَقُلْتُ: قَتَلْتَهُ؟، فَقَالَ: نَعَمْ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا ".
٣ - وَبِهِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ مَوْلَى لِبَنِي الزُّبَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: " جُرِحَتْ أُمُّ عُمَارَةَ بِأُحُدٍ اثْنَا عَشْرَ جُرْحًا، وَقُطِعَتْ يَدُهَا بِالْيَمَامَةِ، وَجُرِحَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ سِوَى يَدِهَا أَحَدَ عَشَرَ جُرْحًا، فَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ وَبِهَا الْجِرَاحَةُ، فَلَقَدْ رُئِيَ أَبُو بَكْرٍ يَأْتِيهَا يَسْأَلُ عَنْهَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ. قَالَ: تَزَوَّجَتْ ثَلاثَةً كُلَّهُمْ لَهُمْ مِنْهَا وَلَدٌ، تَزَوَّجَتْ غَزِيَّةَ بْنَ عَمْرٍو الْمَازِنِيِّ، لَهَا مِنْهُ تَمِيمُ بْنُ غَزِيَّةَ، وَتَزَوَّجَتْ زَيْدَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ كَعْبٍ الْمَازِنِيِّ، فَلَهَا مِنْهُ حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ الَّذِي قَطَّعَهُ مُسَيْلَمَةُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قُتِلَ بِالْحِرَّةِ، وَالثَّالِثُ نَسِيتُهُ [وَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَمْ يُعَقِبْ] ".
٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الدَّلالُ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ ⦗٥٨⦘ شُجَاعٍ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِدِيُّ، قَالَ: قَالُوا: " وَكَانَتْ نُسَيْبَةُ بِنْتُ كَعْبٍ أُمِّ عُمَارَةَ، وَهِيَ امْرَأَةُ غَزِيَّةَ بْنِ عَمْرٍو، شَهِدَتْ أُحُدًا وَزَوْجُهَا وَابْنَاهَا، وَخَرَجَتْ مَعَهَا بِشَنٍّ لَهَا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ تُرِيدُ أَنْ تَسْقِي الْجَرْحَى، فَقَاتَلَتْ يَوْمَئِذٍ يَعْنِي: يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَبْلَتْ بَلاءً حَسَنًا، فَجُرِحَتِ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحًا بَيْنَ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ. وَكَانَتْ أُمُّ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، تَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، حَدِّثِينِي خَبَرَكِ، فَقَالَتْ: " خَرَجْتُ أَوَّلَ النَّهَارِ إِلَى أُحُدٍ وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، وَالدَّوْلَةُ وَالرِّيحُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ انْحَزْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَعَلْتُ أُبَاشِرُ الْقِتَالَ، وَأَذِبُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالسَّيْفِ، وَأَرْمِي بِالْقَوْسِ، حَتَّى خَلَصَتْ إِلَيَّ الْجِرَاحُ، فَرَأَيْتُ عَلَى عَاتِقِهَا جُرْحًا لَهُ غَوْرٌ أَجْوَفٌ. فَقُلْتُ: يَا أُمَّ عُمَارَةَ، مِنْ أَصَابَكِ بِهَذَا؟ قَالَتْ: أَقْبَلَ ابْنُ قَمِئَةَ وَقَدْ وَلَّى النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَصِيحُ: دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ، فَلا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، فَاعْتَرَضَ لَهُ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأُنَاس مَعَهُ، فَكُنْتُ فِيهِمْ، فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضَّرْبَةَ، وَلَقَدْ ضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرَبَاتٍ، وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ. قُلْتُ: يَدُكِ مَا أَصَابَهَا؟ قَالَتْ: أُصِيبَتْ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، لَمَّا جَعَلْتُ الأَعْرَابَ يَنْهَزِمُونَ بِالنَّاسِ، نَادَتِ الأَنْصَارُ: أَخْلِصُونَا، فَأَخْلَصْتُ الأَنْصَارَ فَكُنْتُ مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَدِيقَةِ الْمَوْتِ فَاقْتَتَلْنَا عَلَيْهَا سَاعَةً، حَتَّى قُتِلَ أَبُو دُجَانَةَ عَلَى بَابِ الْحَدِيقَةِ، وَدَخَلْتُهَا وَأَنَا أُرِيدُ عَدُوَّ اللَّهِ مُسَيْلَمَةَ، فَتَعَرَّضَ لِي رَجُلٌ مِنْهُمْ ⦗٥٩⦘ فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا، فَوَاللَّهِ مَا كَانَتْ لِي نَاهِيَةٌ، وَ[لا عَرَّجْتُ عَلَيْهَا] حَتَّى وَقَفْتُ عَلَى الْخَبِيثِ مَقْتُولا، وَابْنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِثِيَابِهِ، فَقُلْتُ: قَتَلْتَهُ؟، فَقَالَ: نَعَمْ، فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْرًا ".
1 / 57
٥ - وَكَانَ ضُمْرَةُ بْنُ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ جَدَّتِهِ وَكَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ أُحُدًا تَسْقِي الْمَاءَ، قَالَتْ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: " لَمَقَامُ نُسَيْبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْ مَقَامِ فُلانٍ وَفُلانٍ " وَكَانَ يَرَاهَا يَوْمَئِذٍ تُقَاتِلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، وَإِنَّهَا لَحَاجِزَةٌ ثَوْبَهَا عَلَى وَسَطِهَا، حَتَّى جُرِحَتْ ثَلاثَةَ عَشْرَ جُرْحًا، فَلَمَّا حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَهَا، فَعَدَدْتُ جِرَاحَهَا جُرْحًا جُرْحًا فَوَجَدْتُهَا ثَلاثَةَ عَشْرَ جُرْحًا.
وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى ابن قَمِئَةَ وَهُوَ يَضْرِبُهَا عَلَى عَاتِقِهَا، وَكَانَ أَعْظَمُ جِرَاحَهَا، وَلَقَدْ دَاوَتْهُ سَنَةً، ثُمَّ نَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ ﷺ إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ، فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابِهَا فَمَا اسْتَطَاعَتْ مِنْ نَزْفِ الدَّمِ، وَلَقَدْ مَكَثْنَا لَيْلَتَنَا نُكَمِّدُ الْجِرَاحَ حَتَّى أَصْبَحْنَا، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْحَمْرَاءِ مَا وَصَلَ إِلَى بَيْتِهِ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيْهَا عَبْدَ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ الْمَازِنِيِّ يَسْأَلُ عَنْهَا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ بِسَلامَتِهَا، فَسُرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِذَلِكَ.
٦ - أَخْبَرَنِي سَعْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعباسِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالنَّاسُ مُنْهَزِمُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَأَنَا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٌ، وَفِي يَدِي سَيْفٌ لِي صَارِمٌ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ قَدْ حَزَّمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَأُمُّ سُلَيْطٍ، وَأُمُّ الْحَارِثِ، قَالُوا: ⦗٦٠⦘ فَجَعَلَتْ نُسَيْبَةُ تَصِيحُ بِالأَنْصَارِ: أَيَّةُ عَادَةٍ هَذِهِ، مَا لَكُمْ وَلِلْفَرَارِ؟. قَالَتْ: وَأَنْظُرُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ هَوْزَانَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقٍ مَعَهُ لِوَاءٌ، يُوضَعُ جَمَلُهُ فِي أَثَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْتَرِضُ لَهُ فَأَضْرِبُ عَرْقُوبَ الْجَمَلِ، وَكَانَ جَمَلا مُشْرِفًا، فَوَضَعَ عَلَى عَجَزِهِ، وَأَشُدُّ عَلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ حَتَّى أَثَبْتُهُ، وَأَخَذْتُ سَيْفًا لَهُ، وَتَرَكْتُ الْجَمَلَ يُخَرْخِرُ، يَتَصَّفَقُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ مُصَلِّتُ السَّيْفَ بِيَدِهِ، وَقَدْ طَرَحَ غَمْدَهُ يُنَادِي: " يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ". قَالَ: وَكَرَّ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ، يَا خَيْلَ اللَّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ سَمَّى خَيْلَهُ خَيْلَ اللَّهِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الْخَزْرَجِ بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الأَوْسِ بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. [فَكَرَّتِ الأَنْصَارُ، وَوَقَفَتْ هَوْزَانُ حَلْبَ نَاقَةِ فُتُوحٍ، ثُمَّ كَانَتْ إِيَّاهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ هَزِيمَةً كَانَتْ مِثْلَهَا، ذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَرَجَعَ ابْنَايَ إِلَيَّ حَبِيبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بِأُسَارَى مُكَتَّفِينَ. فَأَقُومُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَيْظِ، فَأَضْرِبُ عُنُقَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَ بِالأُسَارَى، فَرَأَيْتُ فِي بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ ثَلاثِينَ أَسِيرًا. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ بَلَغَ أَقْصَى هَزِيمَتِهِمْ مَكَّةَ، ثُمَّ كَرُّوا بَعْدَ وَتَرَاجَعُوا، فَأَسْهَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ جَمِيعًا] ".
٦ - أَخْبَرَنِي سَعْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعباسِ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي حَيَّةَ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَسْلَمِيُّ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمَئِذٍ وَالنَّاسُ مُنْهَزِمُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَأَنَا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٌ، وَفِي يَدِي سَيْفٌ لِي صَارِمٌ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ قَدْ حَزَّمَتْهُ عَلَى وَسَطِهَا، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ حَامِلٌ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَأُمُّ سُلَيْطٍ، وَأُمُّ الْحَارِثِ، قَالُوا: ⦗٦٠⦘ فَجَعَلَتْ نُسَيْبَةُ تَصِيحُ بِالأَنْصَارِ: أَيَّةُ عَادَةٍ هَذِهِ، مَا لَكُمْ وَلِلْفَرَارِ؟. قَالَتْ: وَأَنْظُرُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ هَوْزَانَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقٍ مَعَهُ لِوَاءٌ، يُوضَعُ جَمَلُهُ فِي أَثَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَعْتَرِضُ لَهُ فَأَضْرِبُ عَرْقُوبَ الْجَمَلِ، وَكَانَ جَمَلا مُشْرِفًا، فَوَضَعَ عَلَى عَجَزِهِ، وَأَشُدُّ عَلَيْهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَضْرِبُهُ حَتَّى أَثَبْتُهُ، وَأَخَذْتُ سَيْفًا لَهُ، وَتَرَكْتُ الْجَمَلَ يُخَرْخِرُ، يَتَصَّفَقُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَائِمٌ مُصَلِّتُ السَّيْفَ بِيَدِهِ، وَقَدْ طَرَحَ غَمْدَهُ يُنَادِي: " يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ". قَالَ: وَكَرَّ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، يَا بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ، يَا خَيْلَ اللَّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ سَمَّى خَيْلَهُ خَيْلَ اللَّهِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الْمُهَاجِرِينَ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الْخَزْرَجِ بَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَعَلَ شِعَارَ الأَوْسِ بَنِي عُبَيْدِ اللَّهِ. [فَكَرَّتِ الأَنْصَارُ، وَوَقَفَتْ هَوْزَانُ حَلْبَ نَاقَةِ فُتُوحٍ، ثُمَّ كَانَتْ إِيَّاهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ هَزِيمَةً كَانَتْ مِثْلَهَا، ذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَرَجَعَ ابْنَايَ إِلَيَّ حَبِيبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بِأُسَارَى مُكَتَّفِينَ. فَأَقُومُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَيْظِ، فَأَضْرِبُ عُنُقَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَأْتُونَ بِالأُسَارَى، فَرَأَيْتُ فِي بَنِي مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ ثَلاثِينَ أَسِيرًا. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ بَلَغَ أَقْصَى هَزِيمَتِهِمْ مَكَّةَ، ثُمَّ كَرُّوا بَعْدَ وَتَرَاجَعُوا، فَأَسْهَمَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ جَمِيعًا] ".
1 / 59
٧ - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْبَأَ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَنْبَأَ ⦗٦١⦘ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ النَّحْوِيُّ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الأَسْلَمِيُّ، حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ ضُمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلَ أَبِي عَلَى أُمِّ عُمَارَةَ، فَرَأَيْتُ يَدَهَا مَقْطُوعَةً، فَجَعَلَتْ تَمْسَحُ عَلَى رَأْسِي، وَبَرَّكَتْ عَلَيَّ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَنِي أَبِي عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلامٌ، ثُمَّ بَلَغْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ ابْنِهَا عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ وَذَكَرْتُ يَدَهَا، وَأَخْبَرْتُهُ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَيْهَا فَمَسَحَتْ رَأْسِي بِيَدِهَا الْمُصَابَةُ، فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ: رَحِمَهَا اللَّهُ، فَقُلْتُ: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجَتْ فِي الرِّدَةِ غَيْرَهَا؟ فَقَالَ: لا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهَا حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ كَانَ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعُمَانَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ عُمَانٍ، فَسَمِعَ بِهِ مُسَيْلَمَةُ فَاعْتَرَضَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَسَبَقَهُ.
وَكَانَ عَمِّي حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ الأَسْلَمِيُّ فِي السَّاقَةِ، فَأَصَابَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَتَشْهَدَانِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَأَقَرَّ الأَسْلَمِيُّ بِمَا قَالَ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ فِي حَدِيدٍ، وَأَمَّا عَمِّي فَقَالَ لَهُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " لا أَسْمَعُ "، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِّعَتْ يَدُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: لا أَسْمَعُ، حَتَّى قَطَّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا، فَقَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمَنْكَبَيْنِ، وَرِجْلَيْهِ مِنَ الْوِرْكَيْنِ، فَقَالَ: أَتْشَهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لا أَسْمَعُ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَرَقَهُ بِالنَّارِ، وَهُوَ يَقُولُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتْشَهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: لا أَسْمَعُ، فَتَرَكَهُ فِي النَّارِ حَتَّى مَاتَ.
فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ جَدَّتِي أُمُّ عُمَارَةَ عَاهَدَتِ اللَّهَ: إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ لا أَكْذِبُ عَنْهُ أَوْ أُقْتَلُ دُونَهُ.
فَلَمَّا تَهَيَّأَ بَعْثُ خَالِدٍ إِلَى الْيَمَامَةِ جَاءَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَتْهُ لِلْخُرُوجِ، فَقَالَ: مَا مِثْلُكِ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ، وَقَدْ عَرْفَنَا جَزَاءُكِ فِي الْحَرْبِ، فَاخْرُجِي عَلَى اسْمِ اللَّهِ، وَأَوْصَى خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَا، وَكَانَ مُسْتَوْصِيًا بِهَا ⦗٦٢⦘ مُتَعَاهِدًا لَهَا، فَلَمَّا انْتَهُوا إِلَى الْيَمَامَةِ وَاقْتَتَلُوا تَدَاعَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَئِذٍ: أَخْلِصُونَا أَخْلِصُونَا.
قَالَتْ: قَلَّمَا انْتَهْيَنَا إِلَى بَابِ الْحَدِيقَةِ لَمْ يَخْلُصْ، حَتَّى قُلْتُ: لا يَخْلُصُ، وَازْدَحَمْنَا عَلَى البَابِ، وَأَهْلُ النَّجْدَةِ مِنْ عَدُوِّنَا فِي الْحَدِيقَةِ قَدِ انْحَازُوا يَكُونُونَ فِيهِ لِمُسَيْلَمَةَ، فَأَقْحَمْنَا فَضَارَبْنَاهُمْ سَاعَةً، وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ مَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَبْذَلُ لِمُهَجِ أَنْفُسِهِمْ مِنْهُمْ، وَجَعَلْتُ أَقْصِدُ لِعَدُوِّ اللَّهِ مُسَيْلَمَةَ لا أَرَاهُ، وَقَدْ عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ لا أَكْذِبُ عَنْهُ أَوْ أُقْتَلُ دُونَهُ، وَجَعَلَتِ الرِّجَالُ تَخْتَلِطُ، وَالسُّيُوفُ بَيْنَهُمْ، وَخَرُسَ الْقَوْمُ فَلا صَوْتَ إِلا وَقْعَ السُّيُوفِ، حَتَّى بَصَرْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ، فَأَشُدُّ عَلَيْهِ وَيَعْتَرِضُنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَضَرَبَ يَدِي فَقَطَعَهَا، فَوَاللَّهِ مَا عَرَّجْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْتَهِي إِلَى الْخَبِيثِ وَهُوَ صَرِيعٌ، وَأَجِدُ ابْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَدْ قَتَلَهُ، فَحَمَدْتُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ.
فَلَمَّا انْقَطَعَتِ الْحَرْبُ وَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي، جَاءَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلى مَنْزِلِي بِطِيبٍ مِنَ الْعَرَبِ، فَدَاوَانِي بِالزَّيْتِ الْمَغْلِي فَكَانَ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنَ الْقَطْعِ. وَكَانَ خَالِدٌ كَثِيرُ التَّعَاهُدِ لِي، حَسَنُ الصُّحْبَةِ، يَعْرِفُ حَقَّنَا وَيَحْفَظُ فِينَا وَصَيَّةَ نَبِيِّنَا ﷺ.
قَالَ عَبَّادُ: فَقُلْتُ: يَا جَدَّةُ، أُكْثِرَتِ الْجِرَاحَ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ تَحَاجَزَ النَّاسُ، وَقُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ، وَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَجَرْحَى كُلُّهُمْ، لَقَدْ رَأَيْتُ بَنِي أَبِي مُجَرَّحِينَ مَا بِهِمْ حَرَكَةٌ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ فِي بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ بِضَعَةَ عَشَرَ رَجُلا لَهُمْ أَنِينٌ، يُكْمِدُونَ لَيْلَهُمْ بِالنَّارِ، وَلَقَدْ أَقَامَ النَّاسُ بِالْيَمَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَعْدَ وَضْعِ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا، وَمَا يُصَلِّي مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ إِلا نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ أَنَّا أُتِينَا مِنَ قِبَلِ الأَعْرَابِ انْهَمَكُوا بِالْمُسْلِمِينَ.
إِلا إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّ طيِّئًا قَدْ أَبْلَتْ يَوْمَئِذٍ بَلاءً حَسَنًا، لَقَدْ رَأَيْتُ عُدَيَّ بْنَ حَاتِمٍ يَوْمَئِذٍ يَصِيحُ فِيهِمْ: فِدَاءً لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي، اصْبِرُوا لِوَقْعِ الأَسْلِ، وَأَنَّ ابْنِي زَيْدٍ الْخَيْلُ يَوْمَئِذٍ يُقَاتِلانِ قِتَالا شَدِيدًا ".
1 / 60
٨ - قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَحَدَّثَنِي الْمُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ⦗٦٣⦘ بْنِ حِبَّانَ، قَالَ:
"جُرِحَتْ أُمُّ عُمَارَةَ أَحَدَ عَشَرَ جُرْحًا، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحًا مِنْ ضَرْبَةٍ بِسَيْفٍ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ، وَقُطِعَتْ يَدَهَا سِوَى ذَلِكَ، فَرُئِيَ أَبُو بَكْرٍ يأتيها يَسْأَلُ بهَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ ".
1 / 62
٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ الْخَشَّابُ، أَنْبَأَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، أَنْبَأَ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ عُمَارَةَ:
" لَقَدْ رَأَيْتَنِي وَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَمَا بَقِيَ إِلا فِي نفيرٍ مَا يُتمُّونَ عَشْرَةً، أَنَا وَابْنَايَ وَزَوْجِي بَيْنَ يَدَيْهِ نَذُبُّ عَنْهُ، وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ بِهِ مُنْهَزِمِينَ، وَرَآنِي وَلا تِرْسَ مَعِي، وَرَأَى رَجُلا مُوَلِيًا مَعَهُ تِرْسٌ، فَقَالَ لِصَاحِبِ التِّرْسِ: " أَلْقِ تِرْسَكَ إِلَى مَنْ يُقَاتِلُ " فَأَخَذْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَتَتَرَّسُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَإِنَّمَا فُعِلَ بِنَا الأَفَاعِيلَ أَصْحَابُ الْخَيْلِ، لَوْ كَانُوا رَجَّالَةً مِثْلَنَا أَصَبْنَاهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَيُقْبِلُ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ، فَضَرَبَنِي وَتَتَرَّسْتُ لَهُ، فَلَمْ يَصْنَعْ سَيْفُهُ شَيْئًا، وَوَلَّى، وَأَضْرِبُ عَرْقُوبَ فَرَسَهِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَصِيحُ: " يَابْنَ أُمِّ عُمَارَةَ، أُمَّكَ أُمَّكَ "، قَالَتْ: فَعَاوَنَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَوْرَدْتُهُ شُعُوبَ.
١٠ - وَبِهِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: " جُرِحْتُ يَوْمَئِذٍ جُرْحًا فِي عَضُدِي الْيُسْرَى، ضَرَبَنِي رَجُلٌ كَأَنَّهُ ⦗٦٤⦘ الدَّقْلُ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيَّ، وَمَضَى عَنِّي، وَجَعَلَ الدَّمُ لا يَرْقَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " اعْصُبْ جُرْحَكَ "، فَتُقْبِلُ أُمِّي إِلَيَّ وَمَعَهَا عَصَائِبٌ فِي حَقْوَيْهَا قَدْ أَعَدَّتْهَا لِلْجِرَاحِ فَرَبَطَتْ جُرْحِي، وَالنَّبِيُّ ﷺ وَاقِفٌ يَنْظُرُ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَتْ: انْهَضْ يَا بُنَيَّ فَضَارِبِ الْقَوْمَ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، يَقُولُ: " وَمَنْ يَطِيقُ مَا تُطِيقِينَ يَا أُمَّ عُمَارَةَ؟ ". قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي ضَرَبَ ابْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " هَذَا ضَارِبُ ابْنَكِ ". قَالَتْ: فَأَعْتَرِضُ لَهُ، فَأَضْرِبُ سَاقَهُ، فَبَرَكَ. قَالَتْ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتبسِمُ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ، وَقَالَ: " اسْتَقَدْتِ يَا أُمَّ عُمَارَةَ ". ثُمَّ أَقْبَلْنَا نَعُلُّهُ (١) السَّلاحَ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَفْسِهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ظَفَّرَكِ، وَأَقَّرَ عَيْنَكِ مِنْ عَدُوُّكِ، وَأَرَاكِ ثَأْرَكِ بِعَيْنِكِ " _________ (١) العلل الشربة الثانية أو الشرب بعد الشرب.
١٠ - وَبِهِ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: " جُرِحْتُ يَوْمَئِذٍ جُرْحًا فِي عَضُدِي الْيُسْرَى، ضَرَبَنِي رَجُلٌ كَأَنَّهُ ⦗٦٤⦘ الدَّقْلُ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيَّ، وَمَضَى عَنِّي، وَجَعَلَ الدَّمُ لا يَرْقَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " اعْصُبْ جُرْحَكَ "، فَتُقْبِلُ أُمِّي إِلَيَّ وَمَعَهَا عَصَائِبٌ فِي حَقْوَيْهَا قَدْ أَعَدَّتْهَا لِلْجِرَاحِ فَرَبَطَتْ جُرْحِي، وَالنَّبِيُّ ﷺ وَاقِفٌ يَنْظُرُ إِلَيَّ، ثُمَّ قَالَتْ: انْهَضْ يَا بُنَيَّ فَضَارِبِ الْقَوْمَ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ، يَقُولُ: " وَمَنْ يَطِيقُ مَا تُطِيقِينَ يَا أُمَّ عُمَارَةَ؟ ". قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي ضَرَبَ ابْنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " هَذَا ضَارِبُ ابْنَكِ ". قَالَتْ: فَأَعْتَرِضُ لَهُ، فَأَضْرِبُ سَاقَهُ، فَبَرَكَ. قَالَتْ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتبسِمُ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ، وَقَالَ: " اسْتَقَدْتِ يَا أُمَّ عُمَارَةَ ". ثُمَّ أَقْبَلْنَا نَعُلُّهُ (١) السَّلاحَ حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَفْسِهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ظَفَّرَكِ، وَأَقَّرَ عَيْنَكِ مِنْ عَدُوُّكِ، وَأَرَاكِ ثَأْرَكِ بِعَيْنِكِ " _________ (١) العلل الشربة الثانية أو الشرب بعد الشرب.
1 / 63