وعز عليها أن يكون غدا عيد الناس جميعا ولا عيد لها، فتمنت، وكانت متواضعة في أمنيتها ... فلم تبلغ بها المنى أن تكون مثل فلانة وفلانة ممن رأت وعرفت، ولم تتسام إلى الأمل بأن تكون من ذوات الغنى والجاه والدلال، ولم تنس الحقيقة التي تعيش فيها فتأمل أن تتغير حياتها من حال إلى حال، ولكنها تمنت ... تمنت على الله الذي يهب للناس سعادة العمر أن يذيقها حلاوة هذه السعادة حينا ثم ... ثم يسلبها ...
ورفعت يديها إلى الله داعية: «يا رب! لا أريدها إلا مذاقا أعرف به كيف يعيش السعداء من خلقك ...!»
وأومضت في حواشي الأفق بارقة من نور، ثم خبت ...
وسمعت سمية طرقا على الباب، فأسرعت إليه لترى ... «شفيق ...!»
وظل المدير الشاب واقفا بالباب وعلى شفتيه ابتسامة مستحيية وفي عينيه رجاء، وهمس: «أتأذنين يا سمية؟»
وأذنت له، فدخل ودخل وراءه ساعيه يحمل إلى سمية هدية العيد؛ وقال الفتى وقد اطمأن به المجلس: «لعل زيارتي لا تسوءك يا آنسة! لقد طالما راودتني نفسي فنهنهتها، ثم ها أنا ذا ...»
وتضرجت وجنتاها من حياء ثم أطرقت، واستطرد شفيق: «ولعلي إذ اخترت هذه الليلة لأزورك هنا أن يكون رجائي مقبولا لديك ... وألا يضيق صدرك بي؛ إن علي لك حقا، ولعلني أستطيع أن أتحدث إليك في يوم قريب.»
وخفق قلب سمية وترادفت أنفاسها؛ وأحس الفتى خجلها فلم يثقل، وتهيأ للنهوض، ورضيت أن يزورها في غد ...
وتمتمت الفتاة شاكرة وفي عينيها دموع التأثر!
وخلت سمية إلى نفسها تفكر ... وخرج الفتى يفكر ...
صفحه نامشخص