وسمعت طرقا على الباب ... وفتحت ... فابتدرها البواب يؤذنها أن فتى بالباب يسأل عنها، وابتسم ... وشحب لونها، وقالت في صوت يرتعش: ما اسمه؟ وماذا يريد ...؟
ولكن البواب لم يكن يعرف اسمه ولا ماذا يريد، فما كان يعنيه إلا أن يؤذنها أن زائرا يسأل عنها، ثم هبط مسرعا ... وأطلت الفتاة وراءه لترى، ولكنها لم تر ...! ... لقد غشيتها الدموع وحضرتها الذكرى فما تستطيع أن تسمع أو ترى أو ... تفكر!
منذ عام لم يهتف هاتف باسمها ولم يزرها زائر ... فمن يكون هذا الطارق ...؟
وعاد إليها البواب برسالة في يده قبل أن تجد نضار جواب سؤالها، وتناولت منه الرسالة بيد ترتجف، وراحت تقرؤها وهي في طريقها إلى غرفتها ... وسقطت دمعتان على القرطاس في يدها، وكانت تبتسم ... ولم تفطن إلا بعد حين أن البواب لا يزال منها على مقربة؛ ولأول مرة منذ سكنت هذه الغرفة المفردة، شعرت أن من الواجب عليها أن تمنح البواب شيئا ... ففتحت حقيبتها الصغيرة ومدت يدها إليه بقروش ...!
وأغلقت بابها وراحت تعيد قراءة الرسالة، ثم رفعتها إلى شفتيها فقبلتها قبلة، وهمست: نعم، أحبك لأنك أنت ...
وحتى في خلوتها لم تنس أنها امرأة، فعادت تقول: نعم ... لأنك أنت الذي يحبني حين لم يذكرني أحد!
ثم طوت الرسالة وأخفتها في صدرها ...
كان «سامي » يعرفها من زمان، وكانت تعرفه، ورآها ذات ليلة تحدثه في منامه ويحدثها، فطمع ... وكان مجمعا أمره على خطبتها حين جاءه النبأ بأنها سميت على رشيد، فطوى جوانحه على آلامه وسكت ...
وضربت بينهما الأيام فصعدت بها إلى غرفة في السطح، ورمت به النوى من بلد إلى بلد إلى بلاد، ثم عاد ليعرف من أمرها ما عرف ... فكتب إليها ... ... وتم أمرهما على ما أرادا وأظلهما سقف واحد، وابتسمت لها الأيام بعد عبوس!
ومضى عام ثان، وجاء عيد الربيع، وقال لها: أين تريدين يا عزيزتي أن تمضي يوم العيد؟
صفحه نامشخص